فَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ: لَا أُمَّ لَك أَتُعَلِّمُنَا بِالصَّلَاةِ وَكُنَّا نَجْمَعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ} فَهَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ لَمْ يَكُنْ فِي سَفَرٍ وَلَا فِي مَطَرٍ وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِمَا رَوَاهُ عَلَى مَا فَعَلَهُ فَعُلِمَ أَنَّ الْجَمْعَ الَّذِي رَوَاهُ لَمْ يَكُنْ فِي مَطَرٍ وَلَكِنْ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي أَمْرٍ مُهِمٍّ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ يَخْطُبُهُمْ فِيمَا يَحْتَاجُونَ إلَى مَعْرِفَتِهِ وَرَأَى أَنَّهُ إنْ قَطَعَهُ وَنَزَلَ فَاتَتْ مَصْلَحَتُهُ فَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَهُ مِنْ الْحَاجَاتِ الَّتِي يَجُوزُ فِيهَا الْجَمْعُ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَجْمَعُ بِالْمَدِينَةِ لِغَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ بَلْ لِلْحَاجَةِ تَعْرِضُ لَهُ كَمَا قَالَ: " أَرَادَ أَنْ لَا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ " وَمَعْلُومٌ أَنَّ جَمْعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ لَمْ يَكُنْ لِخَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ وَلَا لِسَفَرِ أَيْضًا فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ جَمْعُهُ لِلسَّفَرِ لَجَمَعَ فِي الطَّرِيقِ وَلَجَمَعَ بِمَكَّةَ كَمَا كَانَ يَقْصُرُ بِهَا وَلَجَمَعَ لَمَّا خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ إلَى مِنًى وَصَلَّى بِهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ وَلَمْ يَجْمَعْ بِمِنَى قَبْلَ التَّعْرِيفِ وَلَا جَمَعَ بِهَا بَعْدَ التَّعْرِيفِ أَيَّامَ مِنًى بَلْ يُصَلِّي كُلَّ صَلَاةٍ رَكْعَتَيْنِ غَيْرَ الْمَغْرِبِ وَيُصَلِّيهَا فِي وَقْتِهَا وَلَا جَمْعُهُ أَيْضًا كَانَ لِلنُّسُكِ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَجَمَعَ مِنْ حِينِ أَحْرَمَ فَإِنَّهُ مِنْ حِينَئِذٍ صَارَ مُحْرِمَا فَعُلِمَ أَنَّ جَمْعَهُ الْمُتَوَاتِرَ بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ لَمْ يَكُنْ لِمَطَرٍ وَلَا خَوْفٍ وَلَا لِخُصُوصِ النُّسُكِ وَلَا لِمُجَرَّدِ السَّفَرِ فَهَكَذَا جَمْعُهُ بِالْمَدِينَةِ الَّذِي رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَإِنَّمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute