فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ ذَكَرَ الْجَمْعَ فِي السَّفَرِ. وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي السَّفَرِ إذَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ سَيْرِهِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ مُفَصَّلًا. فَعُلِمَ أَنَّ لَفْظَ الْجَمْعِ فِي عَرَفَةَ وَعَادَتُهُ إنَّمَا هُوَ الْجَمْعُ فِي وَقْتِ إحْدَاهُمَا وَأَمَّا الْجَمْعُ فِي الْوَقْتَيْنِ فَلَمْ يُعْرَفْ أَنَّهُ تَكَلَّمَ بِهِ فَكَيْفَ يَعْدِلُ عَنْ عَادَتِهِ الَّتِي يَتَكَلَّمُ بِهَا إلَى مَا لَيْسَ كَذَلِكَ؟ وَأَيْضًا فَابْنُ شَقِيقٍ يَقُولُ: حَاكَ فِي صَدْرِي مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ فَأَتَيْت أَبَا هُرَيْرَةَ فَسَأَلْته فَصَدَّقَ مَقَالَتَهُ. أَتُرَاهُ حَاكَ فِي صَدْرِهِ أَنَّ الظُّهْرَ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا إلَى آخِرِ الْوَقْتِ؟ وَأَنَّ الْعَصْرَ لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا إلَى أَوَّلِ الْوَقْتِ؟ وَهَلْ هَذَا مِمَّا يَخْفَى عَلَى أَقَلِّ النَّاسِ عِلْمًا حَتَّى يَحِيكَ فِي صَدْرِهِ مِنْهُ؟ وَهَلْ هَذَا مِمَّا يَحْتَاجُ أَنْ يَنْقُلَهُ إلَى أَبِي هُرَيْرَةَ أَوْ غَيْرِهِ حَتَّى يَسْأَلَهُ عَنْهُ؟ إنَّ هَذَا مِمَّا تَوَاتَرَ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ وَعَلِمُوا جَوَازَهُ. وَإِنَّمَا وَقَعَتْ شُبْهَةٌ لِبَعْضِهِمْ فِي الْمَغْرِبِ خَاصَّةً وَهَؤُلَاءِ يُجَوِّزُونَ تَأْخِيرَهَا إلَى آخِرِ وَقْتِهَا: فَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ كَيْفَمَا كَانَ وَجَوَازُ تَأْخِيرِهَا لَيْسَ مُعَلَّقًا بِالْجَمْعِ بَلْ يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا مُطْلَقًا إلَى آخِرِ الْوَقْتِ حِينَ يُؤَخِّرُ الْعِشَاءَ أَيْضًا وَهَكَذَا فَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ بَيَّنَ أَحَادِيثَ الْمَوَاقِيتِ وَهَكَذَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ {وَقْتُ الْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَغِبْ نُورُ الشَّفَقِ وَوَقْتُ الْعِشَاءِ إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ} كَمَا قَالَ: {وَقْتُ الظُّهْرِ مَا لَمْ يَصِرْ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ وَوَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ} فَهَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute