للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمَطَرِ قَبْلَ الشَّفَقِ [وَذَكَرَ مَا رَوَاهُ أَبُو الشَّيْخِ الأصبهاني بِالْإِسْنَادِ الثَّابِتِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ: كَانُوا يَجْمَعُونَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي اللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ إذَا جَمَعُوا بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَلَا يُنْكَرُ ذَلِكَ] (*). وَبِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ الْآخِرَةِ إذَا كَانَ الْمَطَرُ وَأَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وَعُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ وَأَبَا بَكْرٍ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَشْيَخَةَ ذَلِكَ الزَّمَانِ كَانُوا يُصَلُّونَ مَعَهُمْ وَلَا يُنْكِرُونَ ذَلِكَ. فَهَذِهِ الْآثَارُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْجَمْعَ لِلْمَطَرِ مِنْ الْأَمْرِ الْقَدِيمِ الْمَعْمُولِ بِهِ بِالْمَدِينَةِ زَمَنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّ أَحَدًا مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ أَنْكَرَ ذَلِكَ فَعُلِمَ أَنَّهُ مَنْقُولٌ عِنْدَهُمْ بِالتَّوَاتُرِ جَوَازُ ذَلِكَ لَكِنْ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَجْمَعْ إلَّا لِلْمَطَرِ؛ بَلْ إذَا جَمَعَ لِسَبَبٍ هُوَ دُونَ الْمَطَرِ مَعَ جَمْعِهِ أَيْضًا لِلْمَطَرِ كَانَ قَدْ جَمَعَ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ كَمَا أَنَّهُ إذَا جَمَعَ فِي السَّفَرِ وَجَمَعَ فِي الْمَدِينَةِ كَانَ قَدْ جَمَعَ فِي الْمَدِينَةِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا سَفَرٍ فَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ جَمَعَ مِنْ غَيْرِ كَذَا وَلَا كَذَا لَيْسَ نَفْيًا مِنْهُ لِلْجَمْعِ بِتِلْكَ الْأَسْبَابِ بَلْ إثْبَاتٌ مِنْهُ لِأَنَّهُ جَمَعَ بِدُونِهَا وَإِنْ كَانَ قَدْ جَمَعَ بِهَا أَيْضًا. وَلَوْ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ جَمَعَ بِهَا فَجَمْعُهُ بِمَا هُوَ دُونَهَا دَلِيلٌ عَلَى الْجَمْعِ بِهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَيَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى الْجَمْعِ لِلْخَوْفِ وَالْمَطَرِ وَقَدْ جَمَعَ بِعَرَفَةَ


(*) قال الشيخ ناصر بن حمد الفهد (ص ١٩٦):
حصل سقط يسير في بداية الأثر بسبب انتقال نظر الناسخ، وهو (عن هشام بن عروة: أن أبا عروة، وسعيد بن المسيب، وأبا بكر. . .) كما في البيهقي (٣/ ١٦٨).