رَخَّصَ لِلْمُهَاجِرِ أَنْ يُقِيمَ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ ثَلَاثًا} وَلِهَذَا لَمَّا تُوُفِّيَ ابْنُ عُمَرَ بِهَا أَمَرَ أَنْ يُدْفَنَ بِالْحِلِّ وَلَا يُدْفَنَ بِهَا. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ {النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا عَادَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ وَقَدْ كَانَ مَرِضَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ خَافَ سَعْدٌ أَنْ يَمُوتَ بِمَكَّةَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَخْلُفُ عَنْ هِجْرَتِي؟ فَبَشَّرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ لَا يَمُوتُ بِهَا. وَقَالَ: إنَّك لَنْ تَمُوتَ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِك أَقْوَامٌ وَيُضَرَّ بِك آخَرُونَ لَكِنَّ الْبَائِسَ سَعْدَ بْنَ خَوْلَةَ يَرْثِي لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ مَاتَ بِمَكَّةَ} . وَمِنْ الْمَعْرُوفِ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ كَانَ إذَا اعْتَمَرَ يُنِيخُ رَاحِلَتَهُ فَيَعْتَمِرُ ثُمَّ يَرْكَبُ عَلَيْهَا رَاجِعًا فَكَيْفَ يُقَالُ: إنَّهُ نَوَى الْمُقَامَ بِمَكَّةَ؟ ثُمَّ هَذَا مِنْ الْكَذِبِ الظَّاهِرِ فَإِنَّ عُثْمَانَ مَا أَقَامَ بِمَكَّةَ قَطُّ بَلْ كَانَ إذَا حَجَّ يَرْجِعُ إلَى الْمَدِينَةِ. وَقَدْ حَمَلَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَطَائِفَةٌ مِنْ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِ أَحْمَد كَالْقَاضِي وَأَبِي الْخَطَّابِ وَابْنِ عَقِيلٍ وَغَيْرِهِمْ فِعْلَ عُثْمَانَ عَلَى قَوْلِهِمْ فَقَالُوا: لَمَّا كَانَ الْمُسَافِرُ مُخَيَّرًا بَيْنَ الْإِتْمَامِ وَالْقَصْرِ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا جَائِزًا وَفَعَلَ عُثْمَانُ هَذَا لِأَنَّ الْقَصْرَ جَائِزٌ وَالْإِتْمَامَ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ حَمَلُوا فِعْلَ عَائِشَةَ. وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رَوَوْهُ مِنْ جِهَتِهَا وَذَكَرَ البيهقي قَوْلَ مَنْ قَالَ: أَتَمَّهَا لِأَجْلِ الْأَعْرَابِ (وَرَوَاهُ مِنْ سُنَنِ أَبِي دَاوُد ثَنَا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ ثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ الزُّهْرِيِّ: أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عفان أَتَمَّ الصَّلَاةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute