وَهَذَا الْقَوْلُ وَهُوَ الْقَوْلُ بِكَرَاهَةِ التَّرْبِيعِ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ وَهُوَ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَد فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَقَدْ سَأَلَهُ هَلْ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا؟ فَقَالَ لَا يُعْجِبُنِي وَلَكِنَّ السَّفَرَ رَكْعَتَانِ. وَقَدْ نَقَلَ عَنْهُ المروذي أَنَّهُ قَالَ: إنْ شَاءَ صَلَّى أَرْبَعًا وَإِنْ شَاءَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ. وَلَا يَخْتَلِفُ قَوْلُ أَحْمَد أَنَّ الْأَفْضَلَ هُوَ الْقَصْرُ؛ بَلْ نُقِلَ عَنْهُ إذَا صَلَّى أَرْبَعًا أَنَّهُ تَوَقَّفَ فِي الْإِجْزَاءِ. وَمَذْهَبُ مَالِكٍ كَرَاهِيَةُ التَّرْبِيعِ وَأَنَّهُ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَلِهَذَا يَذْكُرُ فِي مَذْهَبِهِ هَلْ تَصِحُّ الصَّلَاةُ أَرْبَعًا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ جَوَازُ الْأَمْرَيْنِ وَأَيُّهُمَا أَفْضَلُ؟ فِيهِ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّ الْقَصْرَ أَفْضَلُ كَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَد وَهُوَ اخْتِيَارُ كَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَتَوَقُّفُ أَحْمَد عَنْ الْقَوْلِ بِالْإِجْزَاءِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَخْرُجُ عَلَى قَوْلِهِ فِي مَذْهَبِهِ وَذَلِكَ أَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ زَادَ زِيَادَةً مَكْرُوهَةً وَهَذَا لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ فَإِنَّهُ أَتَى بِالْوَاجِبِ وَزِيَادَةٍ وَالزِّيَادَةُ إذَا كَانَتْ سَهْوًا لَا تُبْطِلُ الصَّلَاةَ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَكَذَلِكَ الزِّيَادَةُ خَطَأً إذَا اُعْتُقِدَ جَوَازُهَا وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ لَا يَفْعَلُهَا مَنْ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهَا وَإِنَّمَا يَفْعَلُهَا مَنْ يَعْتَقِدُهَا جَائِزَةً. وَلَا نَصَّ بِتَحْرِيمِهَا؛ بَلْ الْأَدِلَّةُ دَالَّةٌ عَلَى كَوْنِ ذَلِكَ مُخَالِفًا لِلسُّنَّةِ؛ لَا أَنَّهُ مُحَرَّمٌ كَالصَّلَاةِ بِدُونِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ وَمَعَ الِالْتِفَاتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْمَكْرُوهَاتِ. وَسَنَتَكَلَّمُ إنْ شَاءَ اللَّهُ عَلَى تَمَامِ ذَلِكَ. وَأَمَّا إتْمَامُ عُثْمَانَ فَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ حَالُهُ عَلَى مَا كَانَ يَقُولُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute