للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ قَصْرُ الْأَعْمَالِ؛ فَإِنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ تَقْصُرُ عَنْ صَلَاةِ الْأَمْنِ وَالْخَوْفُ يُبِيحُ ذَلِكَ. وَهَذَا يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ جَائِزَةٌ حَضَرًا وَسَفَرًا وَالْآيَةُ أَفَادَتْ الْقَصْرَ فِي السَّفَرِ. وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: وَهُوَ الْأَصَحُّ: أَنَّ الْآيَةَ أَفَادَتْ قَصْرَ الْعَدَدِ وَقَصْرَ الْعَمَلِ جَمِيعًا؛ وَلِهَذَا عُلِّقَ ذَلِكَ بِالسَّفَرِ وَالْخَوْفِ فَإِذَا اجْتَمَعَ الضَّرْبُ فِي الْأَرْضِ وَالْخَوْفُ أُبِيحَ الْقَصْرُ الْجَامِعُ لِهَذَا وَلِهَذَا وَإِذَا انْفَرَدَ السَّفَرُ فَإِنَّمَا يُبِيحُ قَصْرَ الْعَدَدِ وَإِذَا انْفَرَدَ الْخَوْفُ فَإِنَّمَا يُفِيدُ قَصْرَ الْعَمَلِ. وَمَنْ قَالَ: إنَّ الْفَرْضَ فِي الْخَوْفِ وَالسَّفَرِ رَكْعَةٌ - كَأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنُ حَزْمٍ - فَمُرَادُهُ إذَا كَانَ خَوْفٌ وَسَفَرٌ. فَيَكُونُ السَّفَرُ وَالْخَوْفُ قَدْ أَفَادَا الْقَصْرَ إلَى رَكْعَةٍ كَمَا رَوَى أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِى: ثَنَا الْمَسْعُودِيُّ - هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ - عَنْ يَزِيدَ الْفَقِيرِ قَالَ: سَأَلْت جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ أَقْصَرُهُمَا؟ قَالَ جَابِرٌ: لَا. فَإِنَّ الرَّكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ لَيْسَتَا بِقَصْرٍ إنَّمَا الْقَصْرُ رَكْعَةٌ عِنْدَ الْقِتَالِ. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: فَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ وَفِي الْخَوْفِ رَكْعَةٌ. قَالَ