للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَعَنْ إبْرَاهِيمَ التيمي أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى الْقَصْرَ إلَّا فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ جَهَادٍ وَحُجَّةُ هَؤُلَاءِ أَنَّهُ لَيْسَ مَعَنَا نَصٌّ يُوجِبُ عُمُومَ الْقَصْرِ لِلْمُسَافِرِ فَإِنَّ الْقُرْآنَ لَيْسَ فِيهِ إلَّا قَصْرُ الْمُسَافِرِ إذَا خَافَ أَنْ يَفْتِنَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَهَذَا سَفَرُ الْجِهَادِ. وَأَمَّا السُّنَّةُ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَصَرَ فِي حَجِّهِ وَعُمَرِهِ وَغَزَوَاتِهِ فَثَبَتَ جَوَازُ هَذَا وَالْأَصْلُ فِي الصَّلَاةِ الْإِتْمَامُ فَلَا تَسْقُطُ إلَّا حَيْثُ أَسْقَطَتْهَا السُّنَّةُ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا يَقْصُرُ إلَّا فِي سَفَرٍ يَكُونُ طَاعَةً فَلَا يَقْصُرُ فِي مُبَاحٍ كَسَفَرِ التِّجَارَةِ. وَهَذَا يَذْكُرُ رِوَايَةً عَنْ أَحْمَد وَالْجُمْهُورُ يُجَوِّزُونَ الْقَصْرَ فِي السَّفَرِ الَّذِي يَجُوزُ فِيهِ الْفِطْرُ وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {إنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ الْمُسَافِرِ الصَّوْمَ وَشَطْرَ الصَّلَاةِ} رَوَاهُ عَنْهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ الْكَعْبِيُّ وَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَد وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ. وَأَيْضًا فَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ عَنْ {يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّهُ قَالَ لِعُمَرِ بْنِ الْخَطَّابِ {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} فَقَدْ أَمِنَ النَّاسُ: فَقَالَ: عَجِبْت مِمَّا عَجِبْت مِنْهُ فَسَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ} وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ سَفَرَ الْأَمْنِ يَجُوزُ فِيهِ قَصْرُ الْعَدَدِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ صَدَقَةً مِنْ اللَّهِ عَلَيْنَا أُمِرْنَا