للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِنْ قِيلَ: قَوْلُهُ: " وَضَعَ " يَقْتَضِي أَنَّهُ كَانَ وَاجِبًا قَبْلَ هَذَا كَمَا قَالَ: " إنَّهُ وَضَعَ عَنْهُ الصَّوْمَ " وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يَجِبْ عَلَى الْمُسَافِرِ صَوْمُ رَمَضَانَ قَطُّ؛ لَكِنْ لَمَّا انْعَقَدَ سَبَبُ الْوُجُوبِ فَأَخْرَجَ الْمُسَافِرَ مِنْ ذَلِكَ سُمِّيَ وَضْعًا وَلِأَنَّهُ كَانَ وَاجِبًا فِي الْمُقَامِ فَلَمَّا سَافَرَ وُضِعَ بِالسَّفَرِ كَمَا يُقَالُ: مَنْ أَسْلَمَ وُضِعَتْ عَنْهُ الْجِزْيَةَ مَعَ أَنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَى مُسْلِمٍ بِحَالِ. وَأَيْضًا فَقَدْ قَالَ صَفْوَانُ بْنُ مُحْرِزٍ؛ قُلْت لِابْنِ عُمَرَ حَدِّثْنِي عَنْ صَلَاةِ السَّفَرِ قَالَ أَتَخْشَى أَنْ يُكْذَبَ عَلَيَّ؟ قُلْت لَا. قَالَ: رَكْعَتَانِ مَنْ خَالَفَ السُّنَّةَ كَفَرَ وَهَذَا مَعْرُوفٌ رَوَاهُ أَبُو التَّيَّاحِ عَنْ مُوَرِّقٍ العِجْلِي عَنْهُ وَهُوَ مَشْهُورٌ فِي كُتُبِ الْآثَارِ. وَفِي لَفْظٍ: صَلَاةُ السَّفَرِ رَكْعَتَانِ وَمَنْ خَالَفَ السُّنَّةَ كَفَرَ. وَبَعْضُهُمْ رَفَعَهُ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَبَيَّنَ أَنَّ صَلَاةَ السَّفَرِ رَكْعَتَانِ وَأَنَّ ذَلِكَ مِنْ السُّنَّةِ الَّتِي مَنْ خَالَفَهَا فَاعْتَقَدَ خِلَافَهَا فَقَدْ كَفَرَ. وَهَذِهِ الْأَدِلَّةُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ قَالَ إنَّهُ لَا يَقْصُرُ إلَّا فِي سَفَرٍ وَاجِبٍ فَقَوْلُهُ ضَعِيفٌ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا يَقْصُرُ فِي السَّفَرِ الْمَكْرُوهِ وَلَا الْمُحَرَّمِ وَيَقْصُرُ فِي الْمُبَاحِ وَهَذَا أَيْضًا رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَد. وَهَلْ يَقْصُرُ فِي سَفَرِ النُّزْهَةِ؟ فِيهِ عَنْ أَحْمَد رِوَايَتَانِ: وَأَمَّا السَّفَرُ الْمُحَرَّمُ فَمَذْهَبُ الثَّلَاثَةِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد لَا يَقْصُرُ فِيهِ وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَطَوَائِفُ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ فَقَالُوا يَقْصُرُ فِي