للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ إلَّا مَعَ زَوْجٍ أَوْ ذِي مَحْرَمٍ} وَقَوْلُهُ: {إنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ الْمُسَافِرِ الصَّوْمَ وَشَطْرَ الصَّلَاةِ} وَلَمْ يَذْكُرْ قَطُّ فِي شَيْءٍ مِنْ نُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ تَقْيِيدَ السَّفَرِ بِنَوْعٍ دُونَ نَوْعٍ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ مُعَلَّقًا بِأَحَدِ نَوْعَيْ السَّفَرِ وَلَا يُبَيِّنُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ذَلِكَ بَلْ يَكُونُ بَيَانُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ مُتَنَاوِلًا لِلنَّوْعَيْنِ. وَهَكَذَا فِي تَقْسِيمِ السَّفَرِ إلَى طَوِيلٍ وَقَصِيرٍ وَتَقْسِيمِ الطَّلَاقِ بَعْدَ الدُّخُولِ إلَى بَائِنٍ وَرَجْعِيٍّ وَتَقْسِيمِ الْأَيْمَانِ إلَى يَمِينٍ مُكَفِّرَةٍ وَغَيْرِ مُكَفِّرَةٍ وَأَمْثَالِ ذَلِكَ مِمَّا عَلَّقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ الْحُكْمَ فِيهِ بِالْجِنْسِ الْمُشْتَرِكِ الْعَامِّ فَجَعَلَهُ بَعْضُ النَّاسِ نَوْعَيْنِ: نَوْعًا يَتَعَلَّقُ بِهِ ذَلِكَ الْحُكْمُ وَنَوْعًا لَا يَتَعَلَّقُ مِنْ غَيْرِ دَلَالَةٍ عَلَى ذَلِكَ مِنْ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ: لَا نَصًّا وَلَا اسْتِنْبَاطًا. وَاَلَّذِينَ قَالُوا لَا يَثْبُتُ ذَلِكَ فِي السَّفَرِ الْمُحَرَّمِ عُمْدَتُهُمْ قَوْله تَعَالَى فِي الْمَيْتَةِ: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ} وَقَدْ ذَهَبَ طَائِفَةٌ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ إلَى أَنَّ " الْبَاغِيَ " هُوَ الْبَاغِي عَلَى الْإِمَامِ الَّذِي يَجُوزُ قِتَالُهُ وَ " الْعَادِيَ " هُوَ الْعَادِي عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَهُمْ الْمُحَارَبُونَ قُطَّاعُ الطَّرِيقِ. قَالُوا فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْمَيْتَةَ لَا تَحِلُّ لَهُمْ فَسَائِرُ الرُّخَصِ أَوْلَى وَقَالُوا إذَا اُضْطُرَّ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ أَمَرْنَاهُ أَنْ يَتُوبَ وَيَأْكُلَ وَلَا نُبِيحُ لَهُ إتْلَافَ نَفْسِهِ. وَهَذَا الْقَوْلُ مَعْرُوفٌ عَنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد.