للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَانَ فِي السَّفَرِ لَا فِي الْمُقَامِ وَالرَّجُلُ إذَا كَانَ مُقِيمًا فِي مَكَانٍ يَجِدُ فِيهِ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ لَمْ يَكُنْ مُسَافِرًا؛ بَلْ مُقِيمًا؛ بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ الَّذِي يَحْتَاجُ أَنْ يَحْمِلَ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ فَإِنَّ هَذَا يَلْحَقُهُ مِنْ الْمَشَقَّةِ مَا يَلْحَقُ الْمُسَافِرَ مِنْ مَشَقَّةِ السَّفَرِ. وَصَاحِبُ هَذَا الْقَوْلِ كَأَنَّهُ رَأَى الرُّخْصَةَ إنَّمَا تَكُونُ لِلْمَشَقَّةِ وَالْمَشَقَّةُ إنَّمَا تَكُونُ لِمَنْ يَحْتَاجُ إلَى حَمْلِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ. وَقَدْ نُقِلَ عَنْ غَيْرِهِ كَلَامٌ يُفَرِّقُ فِيهِ بَيْنَ جِنْسٍ وَجِنْسٍ. رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ عَنْ أَبِي إسْحَاقَ الشيباني عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: لَا يَغُرَّنكُمْ سَوَادُكُمْ هَذَا مِنْ صَلَاتِكُمْ فَإِنَّهُ مِنْ مِصْرِكُمْ. فَقَوْلُهُ: مِنْ " مِصْرِكُمْ " يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ جَعَلَ السَّوَادَ بِمَنْزِلَةِ الْمِصْرِ لَمَّا كَانَ تَابِعًا لَهُ. وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إبْرَاهِيمَ التيمي عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْت مَعَ حُذَيْفَةَ بِالْمَدَائِنِ فَاسْتَأْذَنْته أَنْ آتِيَ أَهْلِي بِالْكُوفَةِ فَأَذِنَ لِي وَشَرَطَ عَلَيَّ أَنْ لَا أُفْطِرَ وَلَا أُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى أَرْجِعَ إلَيْهِ وَبَيْنَهُمَا نَيِّفٌ وَسِتُّونَ مِيلًا. وَعَنْ حُذَيْفَةَ: أَنْ لَا يُقْصِرَ إلَى السَّوَادِ. وَبَيْنَ الْكُوفَةِ وَالسَّوَادِ تِسْعُونَ مِيلًا. وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ: لَا يَطَأُ أَحَدُكُمْ بِمَاشِيَةِ أَحْدَابَ الْجِبَالِ أَوْ بُطُونَ الْأَوْدِيَةِ وَتَزْعُمُونَ أَنَّكُمْ سَفَرٌ لَا وَلَا كَرَامَةَ؛ إنَّمَا التَّقْصِيرُ فِي السَّفَرِ مِنْ الْبَاءَاتِ مِنْ الْأُفُقِ إلَى الْأُفُقِ.