للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَانَ أَرَادَ بِهِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ سَفَرَهُ فَهُوَ نَصٌّ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الَّذِي قَطَعَهُ مِنْ السَّفَرِ فَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ اسْتَدَلَّ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ يَقْصُرُ إلَيْهِ إذَا كَانَ هُوَ السَّفَرَ: يَقُولُ إنَّهُ لَا يَقْصُرُ إلَّا فِي السَّفَرِ فَلَوْلَا أَنَّ قَطْعَ هَذِهِ الْمَسَافَةِ سَفَرٌ لَمَا قَصَرَ. وَهَذَا يُوَافِقُ قَوْلَ مَنْ يَقُولُ: لَا يَقْصُرُ حَتَّى يَقْطَعَ مَسَافَةً تَكُونُ سَفَرًا لَا يَكْفِي مُجَرَّدُ قَصْدِهِ الْمَسَافَةَ الَّتِي هِيَ سَفَرٌ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ حَزْمٍ ودَاوُد وَأَصْحَابِهِ وَابْنُ حَزْمٍ يَحُدُّ مَسَافَةَ الْقَصْرِ بِمِيلِ لَكِنَّ دَاوُد وَأَصْحَابَهُ يَقُولُونَ: لَا يَقْصُرُ إلَّا فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ غَزْوٍ وَابْنُ حَزْمٍ يَقُولُ: إنَّهُ يَقْصُرُ فِي كُلِّ سَفَرٍ وَابْنُ حَزْمٍ عِنْدَهُ أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ إلَّا فِي هَذِهِ الْمَسَافَةِ وَأَصْحَابُهُ يَقُولُونَ: إنَّهُ يُفْطِرُ فِي كُلِّ سَفَرٍ بِخِلَافِ الْقَصْرِ لِأَنَّ الْقَصْرَ لَيْسَ عِنْدَهُمْ فِيهِ نَصٌّ عَامٌّ عَنْ الشَّارِعِ وَإِنَّمَا فِيهِ فِعْلُهُ أَنَّهُ قَصَرَ فِي السَّفَرِ وَلَمْ يَجِدُوا أَحَدًا قَصَرَ فِيمَا دُونَ مِيلٍ وَوَجَدُوا الْمِيلَ مَنْقُولًا عَنْ ابْنِ عُمَرَ. وَابْنُ حَزْمٍ يَقُولُ السَّفَرُ هُوَ الْبُرُوزُ عَنْ مَحَلَّةِ الْإِقَامَةِ؛ لَكِنْ قَدْ عُلِمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إلَى الْبَقِيعِ لِدَفْنِ الْمَوْتَى وَخَرَجَ إلَى الْفَضَاءِ لِلْغَائِطِ وَالنَّاسُ مَعَهُ فَلَمْ يَقْصُرُوا وَلَمْ يُفْطِرُوا. فَخَرَجَ هَذَا عَنْ أَنْ يَكُونَ سَفَرًا وَلَمْ يَجِدُوا أَقَلَّ مِنْ مِيلٍ يُسَمَّى سَفَرًا؛ فَإِنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: لَوْ خَرَجْت مِيلًا لَقَصَرْت الصَّلَاةَ فَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّ هَذِهِ الْمَسَافَةَ