أَنْ يَقُولُوا تَنْعَقِدُ بِهِ الْجُمُعَةُ. فَإِنَّ الْجُمُعَةَ إنَّمَا تَنْعَقِدُ بِالْمُسْتَوْطِنِ؛ لَكِنَّ إيجَابَ الْجُمُعَةِ عَلَى هَذَا وَإِيجَابَ الصِّيَامِ وَالْإِتْمَامِ عَلَى هَذَا هُوَ الَّذِي يُقَالُ إنَّهُ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ بَلْ هُوَ مُخَالِفٌ لِلشَّرْعِ فَإِنَّ هَذِهِ حَالُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ وَفِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَحَالُهُ بِتَبُوكَ؛ بَلْ وَهَذِهِ حَالُ جَمِيعِ الْحَجِيجِ الَّذِينَ يَقْدُمُونَ مَكَّةَ لِيَقْضُوا مَنَاسِكَهُمْ ثُمَّ يَرْجِعُوا وَقَدْ يَقْدُمُ الرَّجُلُ بِمَكَّةَ رَابِعَ ذِي الْحِجَّةِ وَقَدْ يَقْدُمُ قَبْلَ ذَلِكَ بِيَوْمٍ أَوْ أَيَّامٍ وَقَدْ يَقْدُمُ بَعْدَ ذَلِكَ وَهُمْ كُلُّهُمْ مُسَافِرُونَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ جُمُعَةٌ وَلَا إتْمَامٌ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ صُبْحَ رَابِعَةٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ وَكَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ لَكِنْ مِنْ أَيْنَ لَهُمْ أَنَّهُ لَوْ قَدِمَ صُبْحَ ثَالِثَةٍ وَثَانِيَةٍ كَانَ يُتِمُّ وَيَأْمُرُ أَصْحَابَهُ بِالْإِتْمَامِ لَيْسَ فِي قَوْلِهِ وَعَمَلِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ. وَلَوْ كَانَ هَذَا حَدًّا فَاصِلًا بَيْنَ الْمُقِيمِ وَالْمُسَافِرِ لَبَيَّنَهُ لِلْمُسْلِمِينَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ} وَالتَّمْيِيزُ بَيْنَ الْمُقِيمِ وَالْمُسَافِرِ بِنِيَّةِ أَيَّامٍ مَعْدُودَةٍ يُقِيمُهَا لَيْسَ هُوَ أَمْرًا مَعْلُومًا لَا بِشَرْعِ وَلَا لُغَةٍ وَلَا عُرْفٍ. وَقَدْ رَخَّصَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُهَاجِرِ أَنْ يُقِيمَ بِمَكَّةَ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ ثَلَاثًا وَالْقَصْرُ فِي هَذَا جَائِزٌ عِنْدَ الْجَمَاعَةِ وَقَدْ سَمَّاهُ إقَامَةً وَرَخَّصَ لِلْمُهَاجِرِ أَنْ يُقِيمَهَا فَلَوْ أَرَادَ الْمُهَاجِرُ أَنْ يُقِيمَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ قَضَاءِ النُّسُكِ لَمْ يَكُنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute