كَانَ فِي الْبَلَدِ مِنْ الْمُسَافِرِينَ وَالنِّسَاءِ كَمَا كَانَ فَإِنَّ جَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ كَانُوا يَشْهَدُونَ الْعِيدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقَوْلُ بِوُجُوبِهِ عَلَى الْأَعْيَانِ أَقْوَى مِنْ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ. وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّهُ تَطَوُّعٌ فَهَذَا ضَعِيفٌ جِدًّا؛ فَإِنَّ هَذَا مِمَّا أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَاوَمَ عَلَيْهِ هُوَ وَخُلَفَاؤُهُ وَالْمُسْلِمُونَ بَعْدَهُ وَلَمْ يُعْرَفْ قَطُّ دَارُ إسْلَامٍ يُتْرَكُ فِيهَا صَلَاةُ الْعِيدِ وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ. وقَوْله تَعَالَى {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ الْأَمْرِ بِالتَّكْبِيرِ فِي الْعِيدَيْنِ أَمْرٌ بِالصَّلَاةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى التَّكْبِيرِ الرَّاتِبِ وَالزَّائِدِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى وَإِذَا لَمْ يُرَخِّصْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَرْكِهِ لِلنِّسَاءِ فَكَيْفَ لِلرِّجَالِ. وَمَنْ قَالَ: هُوَ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ. قِيلَ لَهُ: هَذَا إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا تَحْصُلُ مَصْلَحَتُهُ بِفِعْلِ الْبَعْضِ كَدَفْنِ الْمَيِّتِ وَقَهْرِ الْعَدُوِّ وَلَيْسَ يَوْمُ الْعِيدِ مَصْلَحَةً مُعَيَّنَةً يَقُومُ بِهَا الْبَعْضُ بَلْ صَلَاةُ يَوْمِ الْعِيدِ شَرَعَ لَهَا الِاجْتِمَاعَ أَعْظَمَ مِنْ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ أَمَرَ النِّسَاءَ بِشُهُودِهَا وَلَمْ يُؤْمَرْنَ بِالْجُمُعَةِ بَلْ أَذِنَ لَهُنَّ فِيهَا وَقَالَ: {صَلَاتُكُنَّ فِي بُيُوتِكُنَّ خَيْرٌ لَكُنَّ} . ثُمَّ هَذِهِ الْمَصْلَحَةُ بِأَيِّ عَدَدٍ تَحْصُلُ؟ فَمَهْمَا قَدَّرَ مِنْ ذَلِكَ كَانَ تَحَكُّمًا سَوَاءٌ قِيلَ بِوَاحِدِ أَوْ اثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ. وَإِذَا قِيلَ بِأَرْبَعِينَ فَهُوَ قِيَاسٌ عَلَى الْجُمُعَةِ وَهُوَ فَرْضٌ عَلَى الْأَعْيَانِ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَخَلَّفَ عَنْ الْعِيدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute