للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَجُلًا يُصَلِّي بِالنَّاسِ الْعِيدَ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ خَارِجَ الصَّحْرَاءِ وَلَمْ يَكُنْ هَذَا يُفْعَلُ قَبْلَ ذَلِكَ وَعَلِيٌّ مِنْ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ. وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِنْ بَعْدِي} . فَمَنْ تَمَسَّكَ بِسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْحَاجَةُ فِي هَذِهِ الْبِلَادِ وَفِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ تَدْعُو إلَى أَكْثَرَ مِنْ جُمُعَةٍ إذْ لَيْسَ لِلنَّاسِ جَامِعٌ وَاحِدٌ يَسَعُهُمْ وَلَا يُمْكِنُهُمْ جُمُعَةٌ وَاحِدَةٌ إلَّا بِمَشَقَّةٍ عَظِيمَةٍ. وَهُنَا وَجْهٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ الْقَلْعَةَ كَأَنَّهَا قَرْيَةٌ خَارِجَ الْمَدِينَةِ. وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ كَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد أَنَّ الْجُمُعَةَ تُقَامُ فِي الْقُرَى؛ لِأَنَّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: " أَوَّلُ جُمُعَةٍ جُمِعَتْ فِي الْإِسْلَامِ بَعْدَ جُمُعَةِ الْمَدِينَةِ جُمُعَةٌ " بجواثى " قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الْبَحْرَيْنِ " وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَدِمَ عَلَيْهِ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ. وَكَذَلِكَ كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إلَى الْمُسْلِمِينَ يَأْمُرُهُمْ بِالْجُمُعَةِ حَيْثُ كَانُوا. وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَمُرُّ بِالْمِيَاهِ الَّتِي بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَهُمْ يُقِيمُونَ الْجُمُعَةَ فَلَا يُنْكِرُ عَلَيْهِمْ. وَأَمَّا قَوْلُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا جُمُعَةَ وَلَا تَشْرِيقَ إلَّا فِي مِصْرٍ جَامِعٍ. فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مُخَالِفٌ لَجَازَ أَنْ يُرَادَ بِهِ أَنَّ كُلَّ قَرْيَةٍ مِصْرٌ جَامِعٌ كَمَا أَنَّ الْمِصْرَ الْجَامِعَ يُسَمَّى قَرْيَةً. وَقَدْ سَمَّى اللَّهُ مَكَّةَ قَرْيَةً بَلْ سَمَّاهَا