للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمَفْضُولُ فِي مَوْضِعِهِ الَّذِي شُرِعَ فِيهِ أَفْضَلُ مِنْ الْفَاضِلِ الْمُطْلَقِ كَمَا أَنَّ التَّسْبِيحَ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَمِنْ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّشَهُّدِ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ وَالدُّعَاءُ بَعْدَهُ أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ. وَهَذَا كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ سِنًّا أَوْ إسْلَامًا} ثُمَّ أَتْبَعَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: {وَلَا يُؤَمَّن الرَّجُلُ فِي سُلْطَانِهِ وَلَا يُجْلَسُ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ} فَذَكَرَ الْأَفْضَلَ فَالْأَفْضَلَ فِي الْإِمَامَةِ ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ صَاحِبَ الْمَرْتَبَةِ ذَا السُّلْطَانِ مِثْلُ الْإِمَامِ الرَّاتِبِ كَأَمِيرِ الْحَرْبِ فِي الْعَهْدِ الْقَدِيمِ وَكَأَئِمَّةِ الْمَسَاجِدِ وَنَحْوِهِمْ مُقَدَّمُونَ عَلَى غَيْرِهِمْ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُمْ أَفْضَلَ مِنْهُمْ وَهَذَا كَمَا أَنَّ الذَّهَبَ أَفْضَلُ مِنْ الْحَدِيدِ وَالنَّوْرَةِ وَقَدْ تَكُونُ هَذِهِ الْمَعَادِنُ مُقَدَّمَةً عَلَى الذَّهَبِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا دُونَهُ وَهَذَا ظَاهِرٌ. وَكَذَلِكَ أَيْضًا: أَكْثَرُ النَّاسِ يَعْجِزُونَ عَنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ فَلَوْ أُمِرُوا بِهَا لَفَعَلُوهَا عَلَى وَجْهٍ لَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ أَوْ يَنْتَفِعُونَ انْتِفَاعًا مَرْجُوحًا فَيَكُونُ فِي حَقِّ أَحَدِ هَؤُلَاءِ الْعَمَلُ الَّذِي يُنَاسِبُهُ وَيَنْتَفِعُ بِهِ أَفْضَلُ لَهُ مِمَّا لَيْسَ كَذَلِكَ. وَلِهَذَا يَكُونُ الذِّكْرُ لِكَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ أَفْضَلَ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّ الذِّكْرَ يُورِثُهُ الْإِيمَانَ وَالْقُرْآنَ يُورِثُهُ الْعِلْمَ وَالْعِلْمُ بَعْدَ الْإِيمَانِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا