للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّ نِسْيَانَهُمْ حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ سَبَبٌ لِإِغْرَاءِ الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ بَيْنَهُمْ فَإِذَا اتَّبَعَ الرَّجُلُ جَمِيعَ الْمَشْرُوعِ الْمَسْنُونِ وَاسْتَعْمَلَ الْأَنْوَاعَ الْمَشْرُوعَةَ هَذَا تَارَةً وَهَذَا تَارَةً كَانَ قَدْ حُفِظَتْ السُّنَّةُ عِلْمًا وَعَمَلًا وَزَالَتْ الْمَفْسَدَةُ الْمَخُوفَةُ مِنْ تَرْكِ ذَلِكَ. وَنُكْتَةُ هَذَا الْوَجْهِ أَنَّهُ وَإِنْ جَازَ الِاقْتِصَارُ عَلَى فِعْلِ نَوْعٍ لَكِنَّ حِفْظَ النَّوْعِ الْآخَرِ مِنْ الدِّينِ لِيُعْلَمَ أَنَّهُ جَائِزٌ مَشْرُوعٌ وَفِي الْعَمَلِ بِهِ تَارَةً حِفْظٌ لِلشَّرِيعَةِ وَتَرْكُ ذَلِكَ قَدْ يَكُونُ سَبَبًا لِإِضَاعَتِهِ وَنِسْيَانِهِ. السَّابِعُ: أَنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَالْعَدْلُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ وَحَرَّمَ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِهِ وَجَعَلَهُ مُحَرَّمًا بَيْنَ عِبَادِهِ وَمِنْ أَعْظَمِ الْعَدْلِ الْعَدْلُ فِي الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ فَإِنَّ الْعَدْلَ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا مِنْ الدِّمَاءِ وَالْأَمْوَالِ كَالْقِصَاصِ وَالْمَوَارِيثِ وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا وَتَرْكُهُ ظُلْمٌ فَالْعَدْلُ فِي أَمْرِ الدِّينِ أَعْظَمُ مِنْهُ وَهُوَ الْعَدْلُ بَيْنَ شَرَائِعِ الدِّينِ وَبَيْنَ أَهْلِهِ. فَإِذَا كَانَ الشَّارِعُ قَدْ سَوَّى بَيْنَ عَمَلَيْنِ أَوْ عَامِلَيْنِ: كَانَ تَفْضِيلُ أَحَدِهِمَا مِنْ الظُّلْمِ الْعَظِيمِ وَإِذَا فَضَّلَ بَيْنَهُمَا كَانَتْ التَّسْوِيَةُ كَذَلِكَ وَالتَّفْضِيلُ أَوْ التَّسْوِيَةُ بِالظَّنِّ وَهَوَى النُّفُوسِ مِنْ جِنْسِ دِينِ الْكُفَّارِ فَإِنَّ جَمِيعَ أَهْلِ الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ يُفَضِّلُ أَحَدُهُمْ دِينَهُ إمَّا ظَنًّا وَإِمَّا هَوًى إمَّا اعْتِقَادًا وَإِمَّا اقْتِصَادًا وَهُوَ سَبَبُ التَّمَسُّكِ بِهِ وَذَمُّ غَيْرِهِ.