للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْهِلَالُ يَسْتَسِرُّ آخِرَ الشَّهْرِ: إمَّا لَيْلَةً وَإِمَّا لَيْلَتَيْنِ. كَمَا يَسْتَسِرُّ لَيْلَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَثَلَاثِينَ وَالشَّمْسُ لَا تَكْسِفُ إلَّا وَقْتَ اسْتِسْرَارِهِ وَلِلشَّمْسِ وَالْقَمَرِ لَيَالِي مُعْتَادَةٌ مَنْ عَرَفَهَا عَرَفَ الْكُسُوفَ وَالْخُسُوفَ. كَمَا أَنَّ مَنْ عَلِمَ كَمْ مَضَى مِنْ الشَّهْرِ يَعْلَمُ أَنَّ الْهِلَالَ يَطْلُعُ فِي اللَّيْلَةِ الْفُلَانِيَّةِ أَوْ الَّتِي قَبْلَهَا. لَكِنَّ الْعِلْمَ بِالْعَادَةِ فِي الْهِلَالِ عِلْمٌ عَامٌّ يَشْتَرِكُ فِيهِ جَمِيعُ النَّاسِ وَأَمَّا الْعِلْمُ بِالْعَادَةِ فِي الْكُسُوفِ وَالْخُسُوفِ فَإِنَّمَا يَعْرِفُهُ مَنْ يَعْرِفُ حِسَابَ جَرَيَانِهِمَا وَلَيْسَ خَبَرُ الْحَاسِبِ بِذَلِكَ مِنْ بَابِ عِلْمِ الْغَيْبِ وَلَا مِنْ بَابِ مَا يُخْبِرُ بِهِ مِنْ الْأَحْكَامِ الَّتِي يَكُونُ كَذِبُهُ فِيهَا أَعْظَمَ مِنْ صِدْقِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ قَوْلٌ بِلَا عِلْمٍ ثَابِتٍ وَبِنَاءً عَلَى غَيْرِ أَصْلٍ صَحِيحٍ. وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {مَنْ اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنْ النُّجُومِ فَقَدْ اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنْ السِّحْرِ زَادَ مَا زَادَ} . وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ فَصَدَّقَهُ لَمْ يَقْبَلْ اللَّهُ صَلَاتَهُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا} . وَالْكُهَّانُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَهُ مِنْ الْمُنَجِّمِينَ فِي الْأَحْكَامِ وَمَعَ هَذَا صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ إتْيَانِهِمْ وَمَسْأَلَتِهِمْ فَكَيْفَ بِالْمُنَجِّمِ؟ وَقَدْ بَسَطْنَا هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ عَنْ هَذَا الْجَوَابِ.