للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِي صَحِيحِهِ مَرْفُوعًا إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَاَلَّذِينَ جَوَّزُوا التَّدَاوِي بِالْمُحَرَّمِ قَاسُوا ذَلِكَ عَلَى إبَاحَةِ الْمُحَرَّمَاتِ: كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ لِلْمُضْطَرِّ وَهَذَا ضَعِيفٌ لِوُجُوهِ: أَحَدُهَا: أَنَّ الْمُضْطَرَّ يَحْصُلُ مَقْصُودُهُ يَقِينًا بِتَنَاوُلِ الْمُحَرَّمَاتِ فَإِنَّهُ إذَا أَكَلَهَا سَدَّتْ رَمَقَهُ وَأَزَالَتْ ضَرُورَتَهُ وَأَمَّا الْخَبَائِثُ بَلْ وَغَيْرُهَا فَلَا يُتَيَقَّنُ حُصُولُ الشِّفَاءِ بِهَا فَمَا أَكْثَرَ مَنْ يَتَدَاوَى وَلَا يُشْفَى وَلِهَذَا أَبَاحُوا دَفْعَ الْغُصَّةِ بِالْخَمْرِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهَا وَتَعَيُّنِهَا لَهُ بِخِلَافِ شُرْبِهَا لِلْعَطَشِ فَقَدْ تَنَازَعُوا فِيهِ: فَإِنَّهُمْ قَالُوا: إنَّهَا لَا تَرْوِي. الثَّانِي: أَنَّ الْمُضْطَرَّ لَا طَرِيقَ لَهُ إلَى إزَالَةِ ضَرُورَتِهِ إلَّا الْأَكْلُ مِنْ هَذِهِ الْأَعْيَانِ وَأَمَّا التَّدَاوِي فَلَا يَتَعَيَّنُ تَنَاوُلُ هَذَا الْخَبِيثِ طَرِيقًا لِشِفَائِهِ فَإِنَّ الْأَدْوِيَةَ أَنْوَاعٌ كَثِيرَةٌ وَقَدْ يَحْصُلُ الشِّفَاءُ بِغَيْرِ الْأَدْوِيَةِ كَالدُّعَاءِ وَالرُّقْيَةِ وَهُوَ أَعْظَمُ نَوْعَيْ الدَّوَاءِ. حَتَّى قَالَ بقراط: نِسْبَةُ طِبِّنَا إلَى طِبِّ أَرْبَابِ الْهَيَاكِلِ كَنِسْبَةِ طِبِّ الْعَجَائِزِ إلَى طِبِّنَا. وَقَدْ يَحْصُلُ الشِّفَاءُ بِغَيْرِ سَبَبٍ اخْتِيَارِيٍّ بَلْ بِمَا يَجْعَلُهُ اللَّهُ فِي الْجِسْمِ مِنْ الْقُوَى الطَّبِيعِيَّةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.