للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقِيلَ يَجُوزُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهَا لِلْفَقِيرِ دُونَ الْغَنِيِّ، وَهُوَ الْقَوْلُ الثَّالِثُ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد كَمَا أَذِنَ اللَّهُ لِوَلِيِّ الْيَتِيمِ أَنْ يَأْكُلَ مَعَ الْفَقْرِ وَيَسْتَغْنِيَ مَعَ الْغِنَى، وَهَذَا الْقَوْلُ أَقْوَى مِنْ غَيْرِهِ عَلَى هَذَا فَإِذَا فَعَلَهَا الْفَقِيرُ لِلَّهِ وَإِنَّمَا أَخَذَ الْأُجْرَةَ لِحَاجَتِهِ إلَى ذَلِكَ وَلِيَسْتَعِينَ بِذَلِكَ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ فَاَللَّهُ يَأْجُرُهُ عَلَى نِيَّتِهِ فَيَكُونُ قَدْ أَكَلَ طَيِّبًا وَعَمِلَ صَالِحًا. وَأَمَّا إذَا كَانَ لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ إلَّا لِأَجْلِ الْعُرُوضِ فَلَا ثَوَابَ لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ ثَوَابٌ، فَلَا يَصِلُ إلَى الْمَيِّتِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَصِلُ إلَى الْمَيِّتِ ثَوَابُ الْعَمَلِ لَا نَفْسُ الْعَمَلِ؛ فَإِذَا تَصَدَّقَ بِهَذَا الْمَالِ عَلَى مَنْ يَسْتَحِقُّهُ وَصَلَ ذَلِكَ إلَى الْمَيِّتِ وَإِنْ قَصَدَ بِذَلِكَ مَنْ يَسْتَعِينُ عَلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَتَعْلِيمِهِ كَانَ أَفْضَلَ وَأَحْسَنَ فَإِنَّ إعَانَةَ الْمُسْلِمِينَ بِأَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ عَلَى تَعَلُّمِ الْقُرْآنِ وَقِرَاءَتِهِ وَتَعْلِيمِهِ مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ.

وَأَمَّا صَنْعَةُ أَهْلِ الْمَيِّتِ طَعَامًا يَدْعُونَ النَّاسَ إلَيْهِ فَهَذَا غَيْرُ مَشْرُوعٍ وَإِنَّمَا هُوَ بِدْعَةٌ بَلْ قَدْ قَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: كُنَّا نَعُدُّ الِاجْتِمَاعَ إلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ وَصَنْعَتَهُمْ الطَّعَامَ لِلنَّاسِ مِنْ النِّيَاحَةِ. وَإِنَّمَا الْمُسْتَحَبُّ إذَا مَاتَ الْمَيِّتُ أَنْ يُصْنَعَ لِأَهْلِهِ طَعَامٌ، كَمَا قَالَ