للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَمَّا زِيَارَتُهُ لِأَهْلِ الْبَقِيعِ فَذَلِكَ فِيهِ أَيْضًا الِاسْتِغْفَارُ لَهُمْ وَالدُّعَاءُ كَمَا عَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ إذَا زَارُوا قُبُورَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُسَلِّمُوا عَلَيْهِمْ وَيَدْعُوا لَهُمْ، فَلَوْ كَانَتْ زِيَارَةُ الْقُبُورِ مَأْذُونًا فِيهَا لِلنِّسَاءِ لَاسْتَحَبَّ لَهُنَّ كَمَا اسْتَحَبَّ لِلرِّجَالِ لِمَا فِيهَا مِنْ الدُّعَاءِ لِلْمُؤْمِنِينَ وَتَذَكُّرِ الْمَوْتِ، وَمَا عَلِمْنَا أَنَّ أَحَدًا مِنْ الْأَئِمَّةِ اسْتَحَبَّ لَهُنَّ زِيَارَةَ الْقُبُورِ وَلَا كَانَ النِّسَاءُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ يَخْرُجْنَ إلَى زِيَارَةِ الْقُبُورِ كَمَا يَخْرُجُ الرِّجَالُ. وَاَلَّذِينَ رَخَّصُوا فِي الزِّيَارَةِ اعْتَمَدُوا عَلَى مَا يُرْوَى عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّهَا زَارَتْ قَبْرَ أَخِيهَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَكَانَ قَدْ مَاتَ فِي غَيْبَتِهَا. وَقَالَتْ: لَوْ شَهِدْتُك لَمَا زُرْتُك، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الزِّيَارَةَ لَيْسَتْ مُسْتَحَبَّةً لِلنِّسَاءِ كَمَا تُسْتَحَبُّ لِلرِّجَالِ إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَاسْتَحَبَّ لَهَا زِيَارَتَهُ كَمَا تُسْتَحَبُّ لِلرِّجَالِ زِيَارَتُهُ سَوَاءٌ شَهِدَتْهُ أَوْ لَمْ تَشْهَدْهُ. وَأَيْضًا فَإِنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْجَنَائِزِ أَوْكَدُ مِنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ وَمَعَ هَذَا فَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى النِّسَاءَ عَنْ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ وَفِي ذَلِكَ تَفْوِيتُ صَلَاتِهِنَّ عَلَى الْمَيِّتِ فَإِذَا لَمْ يَسْتَحِبَّ لَهُنَّ اتِّبَاعَهَا لِمَا فِيهَا مِنْ الصَّلَاةِ وَالثَّوَابِ فَكَيْفَ بِالزِّيَارَةِ.