قَالَ حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ: كَانَ جِبْرِيلُ يَنْزِلُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسُّنَّةِ يُعَلِّمُهُ إيَّاهَا كَمَا يُعَلِّمُهُ الْقُرْآنَ. وَقَدْ ذَكَرْت فِي الصَّلَاةِ فَصْلًا قَبْلَ هَذَا. وَالْمَقْصُودُ هُنَا ذِكْرُ الزَّكَاةِ. فَنَذْكُرُ مَا تَيَسَّرَ مِنْ أَحْكَامِهَا وَبَعْضَ الْأَحَادِيثِ وَشَيْئًا مِنْ أَقْوَالِ الْفُقَهَاءِ. فَقَدْ سَمَّى اللَّهُ الزَّكَاةَ صَدَقَةً وَزَكَاةً. وَلَفْظُ الزَّكَاةِ فِي اللُّغَةِ يَدُلُّ عَلَى النُّمُوِّ وَالزَّرْعُ يُقَالُ فِيهِ: زَكَا إذَا نَمَا وَلَا يَنْمُو إلَّا إذَا خَلَصَ مِنْ الدَّغَلِ. فَلِهَذَا كَانَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ فِي الشَّرِيعَةِ تَدُلُّ عَلَى الطَّهَارَةِ: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} نَفْسُ الْمُتَصَدِّقِ تَزْكُو وَمَالُهُ يَزْكُو يَطْهُرُ وَيَزِيدُ فِي الْمَعْنَى. وَقَدْ أَفْهَمَ الشَّرْعُ أَنَّهَا شُرِعَتْ لِلْمُوَاسَاةِ وَلَا تَكُونُ الْمُوَاسَاةُ إلَّا فِيمَا لَهُ مَالٌ مِنْ الْأَمْوَالِ فَحَدَّ لَهُ أَنْصِبَةً وَوَضَعَهَا فِي الْأَمْوَالِ النَّامِيَةِ فَمِنْ ذَلِكَ مَا يَنْمُو بِنَفْسِهِ؛ كَالْمَاشِيَةِ وَالْحَرْثِ. وَمَا يَنْمُو بِتَغَيُّرِ عَيْنِهِ وَالتَّصَرُّفِ فِيهِ كَالْعَيْنِ وَجَعَلَ الْمَالَ الْمَأْخُوذَ عَلَى حِسَابِ التَّعَبِ فَمَا وُجِدَ مِنْ أَمْوَالِ الْجَاهِلِيَّةِ هُوَ أَقَلُّهُ تَعَبًا فَفِيهِ الْخُمُسُ ثُمَّ مَا فِيهِ التَّعَبُ مِنْ طَرَفٍ وَاحِدٍ فِيهِ نِصْفُ الْخُمُسِ وَهُوَ الْعُشْرُ فِيمَا سَقَتْهُ السَّمَاءُ وَمَا فِيهِ التَّعَبُ مِنْ طَرَفَيْنِ فِيهِ رُبُعُ الْخُمُسِ وَهُوَ نِصْفُ الْعُشْرِ فِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ وَمَا فِيهِ التَّعَبُ فِي طُولِ السَّنَةِ كَالْعَيْنِ فَفِيهِ ثُمُنُ ذَلِكَ وَهُوَ رُبُعُ الْعُشْرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute