للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إحْدَاهُمَا لَا يُخْرِجُ إلَّا الْمَنْصُوصَ. وَالْأُخْرَى: يُخْرِجُ مَا يَقْتَاتُهُ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ. وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ: كَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ. وَهُوَ أَصَحُّ الْأَقْوَالِ؛ فَإِنَّ الْأَصْلَ فِي الصَّدَقَاتِ أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى وَجْهِ الْمُسَاوَاةِ لِلْفُقَرَاءِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} . وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ؛ لِأَنَّ هَذَا كَانَ قُوتَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَلَوْ كَانَ هَذَا لَيْسَ قُوتَهُمْ بَلْ يَقْتَاتُونَ غَيْرَهُ لَمْ يُكَلِّفْهُمْ أَنْ يُخْرِجُوا مِمَّا لَا يَقْتَاتُونَهُ كَمَا لَمْ يَأْمُرْ اللَّهُ بِذَلِكَ فِي الْكَفَّارَاتِ. وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ مِنْ جِنْسِ الْكَفَّارَاتِ هَذِهِ مُعَلَّقَةٌ بِالْبَدَنِ وَهَذِهِ مُعَلَّقَةٌ بِالْبَدَنِ بِخِلَافِ صَدَقَةِ الْمَالِ فَإِنَّهَا تَجِبُ بِسَبَبِ الْمَالِ مِنْ جِنْسِ مَا أَعْطَاهُ اللَّهُ. وَأَمَّا الدَّقِيقُ: فَيَجُوزُ إخْرَاجُهُ فِي مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد دُونَ الشَّافِعِيِّ. وَيُخْرِجُهُ بِالْوَزْنِ فَإِنَّ الدَّقِيقَ يُرَبَّعُ إذَا طُحِنَ وَالْقَرِيبُ الَّذِي يَسْتَحِقُّهَا إذَا كَانَتْ حَاجَتُهُ مِثْلَ حَاجَةِ الْأَجْنَبِيِّ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مِنْهُ فَإِنَّ صَدَقَتَك عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ وَعَلَى ذِي الرَّحِمِ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.