للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَوْقَهُ مِنْ حُدُودِ الْإِنْسَانِيَّةِ. كَمَا قُلْنَ لِيُوسُفَ: {مَا هَذَا بَشَرًا إنْ هَذَا إلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ} . وَكَذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِهَذَا الطَّوَّافِ الَّذِي تَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ وَالتَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ إنَّمَا الْمِسْكِينُ الَّذِي لَا يَجِدُ غِنًى يُغْنِيهِ وَلَا يُفْطَنُ لَهُ فَيُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ وَلَا يَسْأَلُ النَّاسَ إلْحَافًا} وَقَالَ: {مَا تَعُدُّونَ الْمُفْلِسَ فِيكُمْ؟ قَالُوا: الَّذِي لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا دِينَارَ فَقَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ إنَّمَا الْمُفْلِسُ الَّذِي يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} الْحَدِيثَ. وَقَالَ: {مَا تُعِدُّونَ الرَّقُوبَ؟} الْحَدِيثَ. فَهَذَا نَفْيٌ لِحَقِيقَةِ الِاسْمِ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى الَّذِي يَجِبُ اعْتِبَارُهُ: بِاعْتِبَارِ أَنَّ الرَّقُوبَ وَالْمُفْلِسَ إنَّمَا قُيِّدَ بِهَذَا الِاسْمِ لَمَّا عَدِمَ الْمَالَ وَالْوَلَدَ وَالنُّفُوسُ تَجْزَعُ مِنْ ذَلِكَ فَبَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ عَدَمَ ذَلِكَ حَيْثُ يَضُرُّهُ عَدَمُهُ هُوَ أَحَقُّ بِهَذَا الِاسْمِ مِمَّنْ يَعْدَمُهُ حَيْثُ قَدْ لَا يَضُرُّهُ ضَرَرًا لَهُ اعْتِبَارٌ. وَمَثَّالُ هَذَا أَنْ يُقَالَ لِمَنْ يَتَأَلَّمُ أَلَمًا يَسِيرًا لَيْسَ هَذَا بِأَلَمِ إنَّمَا الْأَلَمُ كَذَا وَكَذَا وَلِمَنْ يَرَى أَنَّهُ غَنِيٌّ لَيْسَ هَذَا بِغَنِيِّ إنَّمَا الْغَنِيُّ فُلَانٌ. وَكَذَلِكَ يُقَالُ فِي الْعَالَمِ وَالزَّاهِدِ. كَقَوْلِهِمْ إنَّمَا الْعَالِمُ مَنْ يَخْشَى اللَّهَ تَعَالَى.