للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَضَمَّنَ نَهْيًا. فَإِنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّ الْأُمَّةَ الَّتِي اتَّبَعَتْهُ هِيَ الْأُمَّةُ الْوَسَطُ أُمِّيَّةٌ لَا تَكْتُبُ وَلَا تَحْسُبُ. فَمَنْ كَتَبَ أَوْ حَسَبَ أَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ فِي هَذَا الْحُكْمِ. بَلْ يَكُونُ قَدْ اتَّبَعَ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ هُمْ هَذِهِ الْأُمَّةُ فَيَكُونُ قَدْ فَعَلَ مَا لَيْسَ مِنْ دِينِهَا وَالْخُرُوجُ عَنْهَا مُحَرَّمٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فَيَكُونُ الْكِتَابُ وَالْحِسَابُ الْمَذْكُورَانِ مُحَرَّمَيْنِ مَنْهِيًّا عَنْهُمَا. وَهَذَا كَقَوْلِهِ: {الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ} أَيْ هَذِهِ صِفَةُ الْمُسْلِمِ فَمَنْ خَرَجَ عَنْهَا خَرَجَ عَنْ الْإِسْلَامِ وَمَنْ خَرَجَ عَنْ بَعْضِهَا خَرَجَ عَنْ الْإِسْلَامِ فِي ذَلِكَ الْبَعْضِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ {: الْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ} . فَإِنْ قِيلَ: فَهَلَّا قِيلَ إنَّ لَفْظَهُ خَبَرٌ وَمَعْنَاهُ الطَّلَبُ؟ . كَقَوْلِهِ: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ} {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ} وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَيَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّ مَنْ كَانَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَكْتُبَ وَلَا يَحْسُبَ. نَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ؛ لِئَلَّا يَكُونُ خَبَرًا قَدْ خَالَفَ مَخْبَرَهُ. فَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ كَتَبَ أَوْ حَسَبَ. قِيلَ: هَذَا مَعْنًى صَحِيحٌ فِي نَفْسِهِ لَكِنْ لَيْسَ هُوَ ظَاهِرَ اللَّفْظِ. فَإِنَّ ظَاهِرَهُ خَبَرٌ وَالصَّرْفُ عَنْ الظَّاهِرِ إنَّمَا يَكُونُ لِدَلِيلِ يحوج إلَى ذَلِكَ وَلَا حَاجَةَ إلَى ذَلِكَ كَمَا بَيَّنَّاهُ.