الْجِهَاتِ بِقَدْرِ وَاحِدٍ فَاضْطِرَارُ أَنْ تَكُونَ الْأَرْضَ وَسَطَ السَّمَاءِ. وَقَدْ يَظُنُّ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ مَا جَاءَتْ بِهِ الْآثَارُ النَّبَوِيَّةُ مِنْ أَنَّ الْعَرْشَ سَقْفُ الْجَنَّةِ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَى عَرْشِهِ مَعَ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ الْأَفْلَاكَ مُسْتَدِيرَةٌ مُتَنَاقِضٌ أَوْ مُقْتَضٍ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَحْتَ بَعْضِ خَلْقِهِ " كَمَا احْتَجَّ بَعْضُ الْجَهْمِيَّة عَلَى إنْكَارِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ فَوْقَ الْعَرْشِ بِاسْتِدَارَةِ الْأَفْلَاكِ وَأَنَّ ذَلِكَ مُسْتَلْزَمٌ كَوْنَ الرَّبِّ أَسْفَلَ. وَهَذَا مِنْ غَلَطِهِمْ فِي تَصَوُّرِ الْأَمْرِ وَمَنْ عَلِمَ أَنَّ الْأَفْلَاكَ مُسْتَدِيرَةٌ وَأَنَّ الْمُحِيطَ الَّذِي هُوَ السَّقْفُ هُوَ أَعْلَى عِلِّيِّينَ وَأَنَّ الْمَرْكَزَ الَّذِي هُوَ بَاطِنُ ذَلِكَ وَجَوْفُهُ وَهُوَ قَعْرُ الْأَرْضِ هُوَ " سِجِّينٌ " " وَأَسْفَلُ سَافِلِينَ " عَلِمَ مِنْ مُقَابَلَةِ اللَّهِ بَيْنَ أَعْلَى عِلِّيِّينَ وَبَيْنَ سِجِّينٍ مَعَ أَنَّ الْمُقَابَلَةَ: إنَّمَا تَكُونُ فِي الظَّاهِرِ بَيْنَ الْعُلُوِّ وَالسُّفْلِ أَوْ بَيْنَ السِّعَةِ وَالضِّيقِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعُلُوَّ مُسْتَلْزَمٌ لِلسِّعَةِ وَالضِّيقِ مُسْتَلْزِمٌ لِلسُّفُولِ وَعَلِمَ أَنَّ السَّمَاءَ فَوْقَ الْأَرْضِ مُطْلَقًا لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ تَكُونَ تَحْتَهَا قَطُّ وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَدِيرَةً مُحِيطَةً وَكَذَلِكَ كُلَّمَا عَلَا كَانَ أَرْفَعَ وَأَشْمَلَ. وَعَلِمَ أَنَّ الْجِهَةَ قِسْمَانِ: قِسْمٌ ذَاتِيٌّ. وَهُوَ الْعُلُوُّ وَالسُّفُولُ فَقَطْ. وَقِسْمٌ إضَافِيٌّ: وَهُوَ مَا يُنْسَبُ إلَى الْحَيَوَانِ بِحَسَبِ حَرَكَتِهِ: فَمَا أَمَامَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute