للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: {إذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ} الْحَدِيثَ فَهَذِهِ الِاسْتِخَارَةُ لِلَّهِ الْعَلِيمِ الْقَدِيرِ خَالِقِ الْأَسْبَابِ وَالْمُسَبَّبَاتِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ الطَّالِعَ فِيمَا يُرِيدُ فِعْلَهُ. فَإِنَّ الِاخْتِيَارَ غَايَتُهُ تَحْصِيلُ سَبَبٍ وَاحِدٍ مِنْ أَسْبَابِ النُّجْحِ إنْ صَحَّ. وَالِاسْتِخَارَةُ أَخْذٌ لِلنُّجْحِ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ الْخِيَرَةَ فَإِمَّا أَنْ يَشْرَحَ صَدْرَ الْإِنْسَانِ وَيُيَسِّرَ الْأَسْبَابَ أَوْ يُعَسِّرَهَا وَيَصْرِفَهُ عَنْ ذَلِكَ. وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ} الْحَدِيثَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَالْعَرَّافُ يَعُمُّ الْمُنَجِّمَ وَغَيْرَهُ إمَّا لَفْظًا وَإِمَّا مَعْنًى. وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مَنْ اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنْ النُّجُومِ فَقَدْ اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنْ السِّحْرِ زَاد مَا زَادَ} رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَه فَقَدْ تَبَيَّنَ تَحْرِيمُ الْأَخْذِ بِأَحْكَامِ النُّجُومِ عِلْمًا أَوْ عَمَلًا مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ وَقَدْ بَيَّنَّا مِنْ جِهَةِ الْعَقْلِ أَنَّ ذَلِكَ أَيْضًا مُتَعَذِّرٌ فِي الْغَالِبِ. لِأَنَّ أَسْبَابَ الْحَوَادِثِ وَشُرُوطَهَا وَمَوَانِعَهَا لَا تُضْبَطُ بِضَبْطِ حَرَكَةِ بَعْضِ الْأُمُورِ وَإِنَّمَا يَتَّفِقُ الْإِصَابَةُ فِي ذَلِكَ إذَا كَانَ بَقِيَّةُ الْأَسْبَابِ مَوْجُودَةً. وَالْمَوَانِعُ مُرْتَفِعَةً. لَا أَنَّ ذَلِكَ عَنْ دَلِيلٍ مُطَّرِدٍ لَازِمًا أَوْ غَالِبًا. وَحُذَّاقُ الْمُنَجِّمِينَ يُوَافِقُونَ عَلَى ذَلِكَ. وَيَعْرِفُونَ أَنَّ طَالِعَ الْبِلَادِ لَا