وَالشَّافِعِيِّ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ رَجُلَيْنِ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَأَيَا هِلَالَ شَوَّالٍ فَأَفْطَرَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يُفْطِرْ الْآخَرُ. فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ قَالَ: لِلَّذِي أَفْطَرَ لَوْلَا صَاحِبُك لَأَوْجَعْتُك ضَرْبًا. وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْفِطْرَ يَوْمَ يُفْطِرُ النَّاسُ وَهُوَ يَوْمُ الْعِيدِ وَاَلَّذِي صَامَهُ الْمُنْفَرِدُ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ لَيْسَ هُوَ يَوْمَ الْعِيدِ الَّذِي نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِهِ فَإِنَّهُ نَهَى عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْفِطْرِ وَيَوْمِ النَّحْرِ. وَقَالَ: {أَمَّا أَحَدُهُمَا فَيَوْمُ فِطْرِكُمْ مِنْ صَوْمِكُمْ وَأَمَّا الْآخَرُ فَيَوْمَ تَأْكُلُونَ فِيهِ مِنْ نُسُكِكُمْ} . فَاَلَّذِي نَهَى عَنْ صَوْمِهِ هُوَ الْيَوْمَ الَّذِي يُفْطِرُهُ الْمُسْلِمُونَ وَيَنْسُكُ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ. وَهَذَا يَظْهَرُ بِالْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّهُ لَوْ انْفَرَدَ بِرُؤْيَةِ ذِي الْحِجَّةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقِفَ قَبْلَ النَّاسِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي هُوَ فِي الظَّاهِرِ الثَّامِنُ وَإِنْ كَانَ بِحَسَبِ رُؤْيَتِهِ هُوَ التَّاسِعَ وَهَذَا لِأَنَّ فِي انْفِرَادِ الرَّجُلِ فِي الْوُقُوفِ وَالذَّبْحِ مِنْ مُخَالَفَةِ الْجَمَاعَةِ مَا فِي إظْهَارِهِ لِلْفِطْرِ. وَأَمَّا صَوْمُ يَوْمِ التَّاسِعِ فِي حَقِّ مَنْ رَأَى الْهِلَالَ أَوْ أَخْبَرَهُ ثِقَتَانِ أَنَّهُمَا رَأَيَا الْهِلَالَ وَهُوَ الْعَاشِرُ بِحَسَبِ ذَلِكَ وَلَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ عِنْدَ الْعَامَّةِ وَهُوَ الْعَاشِرُ بِحَسَبِ الرُّؤْيَةِ الْخَفِيَّةِ فَهَذَا يُخَرَّجُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute