وَأَمَّا الْكَفَّارَةُ وَالْفِدْيَةُ فَتِلْكَ وَجَبَتْ لِأَنَّهَا بَدَلُ الْمُتْلَفِ مِنْ جِنْسِ مَا يَجِبُ ضَمَانُ الْمُتْلَفِ بِمِثْلِهِ كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ أَوْ نَائِمٌ ضَمِنَهُ بِذَلِكَ وَجَزَاءُ الصَّيْدِ إذَا وَجَبَ عَلَى النَّاسِي وَالْمُخْطِئِ فَهُوَ مِنْ هَذَا الْبَابِ بِمَنْزِلَةِ دِيَةِ الْمَقْتُولِ خَطَأً وَالْكَفَّارَةِ الْوَاجِبَةِ بِقَتْلِهِ خَطَأً بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ. وَأَمَّا سَائِرُ الْمَحْظُورَاتِ فَلَيْسَتْ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ وَقَصُّ الشَّارِبِ وَالتَّرَفُّهُ الْمُنَافِي لِلتَّفَثِ كَالطِّيبِ وَاللِّبَاسِ. وَلِهَذَا كَانَتْ فِدْيَتُهَا مِنْ جِنْسِ فِدْيَةِ الْمَحْظُورَاتِ لَيْسَتْ بِمَنْزِلَةِ الصَّيْدِ الْمَضْمُونِ بِالْبَدَلِ. فَأَظْهَرُ الْأَقْوَالِ فِي النَّاسِي وَالْمُخْطِئِ إذَا فَعَلَ مَحْظُورًا أَلَّا يَضْمَنَ مِنْ ذَلِكَ إلَّا الصَّيْدَ. وَلِلنَّاسِ فِيهِ أَقْوَالٌ هَذَا أَحَدُهَا وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الظَّاهِرِ. وَالثَّانِي يَضْمَنُ الْجَمِيعَ مَعَ النِّسْيَانِ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِحْدَى الرِّوَايَاتِ عَنْ أَحْمَد وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ. وَالثَّالِثُ يُفَرِّقُ بَيْنَ مَا فِيهِ إتْلَافٌ كَقَتْلِ الصَّيْدِ وَالْحَلْقِ وَالتَّقْلِيمِ وَمَا لَيْسَ فِيهِ إتْلَافٌ كَالطِّيبِ وَاللِّبَاسِ وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَاخْتَارَهَا طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَهَذَا الْقَوْلُ أَجْوَدُ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute