الثَّانِي أَنَّ الْخَطَأَ فِي تَقْدِيمِ الْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ أَوْلَى مِنْ الْخَطَأِ فِي تَقْدِيمِ الظُّهْرِ وَالْمَغْرِبِ فَإِنَّ فِعْلَ هَاتَيْنِ قَبْلَ الْوَقْتِ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ بِخِلَافِ تينك فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِعْلُهُمَا فِي وَقْتِ الظُّهْرِ وَالْمَغْرِبِ لِأَنَّ ذَلِكَ وَقْتٌ لَهُمَا حَالَ الْعُذْرِ وَحَال الِاشْتِبَاهِ حَالُ عُذْرٍ فَكَانَ الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ مَعَ الِاشْتِبَاهِ أَوْلَى مِنْ الصَّلَاةِ مَعَ الشَّكِّ. وَهَذَا فِيهِ مَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُ الْمَأْخَذِ الْأَوَّلِ مِنْ الِاحْتِيَاطِ؛ لَكِنَّهُ احْتِيَاطٌ مَعَ تَيَقُّنِ الصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ الْمُشْتَرَكِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْفَجْرَ لَمْ يَذْكُرُوا فِيهَا هَذَا الِاسْتِحْبَابَ وَلَا فِي الْعِشَاءِ وَالْعَصْرِ وَلَوْ كَانَ لِعِلْمِ خَوْفِ الصَّلَاةِ قَبْلَ الْوَقْتِ لَطُرِدَ هَذَا فِي الْفَجْرِ ثُمَّ يَطَّرِدُ فِي الْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ. وَقَدْ جَاءَ الْحَدِيثُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّبْكِيرِ بِالْعَصْرِ فِي يَوْمِ الْغَيْمِ فَقَالَ: " {بَكِّرُوا بِالصَّلَاةِ فِي يَوْمِ الْغَيْمِ فَإِنَّهُ مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} . فَإِنْ قِيلَ. فَإِذَا كَانَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُؤَخَّرَ الْمَغْرِبُ مَعَ الْغَيْمِ فَكَذَلِكَ يُؤَخَّرُ الْفُطُورُ قِيلَ: إنَّمَا يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا مَعَ تَقْدِيمِ الْعِشَاءِ بِحَيْثُ يُصَلِّيهِمَا قَبْلَ مَغِيبِ الشَّفَقِ فَأَمَّا تَأْخِيرُهَا إلَى أَنْ يَخَافَ مَغِيبَ الشَّفَقِ فَلَا يُسْتَحَبُّ وَلَا يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُ الْفُطُورِ إلَى هَذِهِ الْغَايَةِ. وَلِهَذَا كَانَ الْجَمْعُ الْمَشْرُوعُ مَعَ الْمَطَرِ هُوَ جَمْعَ التَّقْدِيمِ فِي وَقْتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute