للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَرَسُولُهُ مُفَطِّرًا هُوَ مَا كَانَ وَاصِلًا إلَى دِمَاغٍ أَوْ بَدَنٍ أَوْ مَا كَانَ دَاخِلًا مِنْ مَنْفَذٍ أَوْ وَاصِلًا إلَى الْجَوْفِ. وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْمَعَانِي الَّتِي يَجْعَلُهَا أَصْحَابُ هَذِهِ الْأَقَاوِيلِ هِيَ مَنَاطَ الْحُكْمِ عِنْدَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَيَقُولُونَ إنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إنَّمَا جَعَلَا الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ مُفَطِّرًا لِهَذَا الْمَعْنَى الْمُشْتَرِكَ مِنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَمِمَّا يَصِلُ إلَى الدِّمَاغِ وَالْجَوْفِ مِنْ دَوَاءِ الْمَأْمُومَةِ وَالْجَائِفَةِ وَمَا يَصِلُ إلَى الْجَوْفِ مِنْ الْكُحْلِ وَمِنْ الْحُقْنَةِ وَالتَّقْطِيرِ فِي الْإِحْلِيلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى تَعْلِيقِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِلْحُكْمِ بِهَذَا الْوَصْفِ دَلِيلٌ كَانَ قَوْلُ الْقَائِلِ: إنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إنَّمَا جَعَلَا هَذَا مُفَطِّرًا لِهَذَا قَوْلًا بِلَا عِلْمٍ وَكَانَ قَوْلُهُ: " إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى الصَّائِمِ أَنْ يَفْعَلَ هَذَا " قَوْلًا بِأَنَّ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ بِلَا عِلْمٍ وَذَلِكَ يَتَضَمَّنُ الْقَوْلَ عَلَى اللَّهِ بِمَا لَا يَعْلَمُ وَهَذَا لَا يَجُوزُ. وَمَنْ اعْتَقَدَ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّ هَذَا الْمُشْتَرَكَ مَنَاطُ الْحُكْمِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ اعْتَقَدَ صِحَّةَ مَذْهَبٍ لَمْ يَكُنْ صَحِيحًا أَوْ دَلَالَةَ لَفْظٍ عَلَى مَعْنًى لَمْ يُرِدْهُ الرَّسُولُ وَهَذَا اجْتِهَادٌ يُثَابُونَ عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ قَوْلًا بِحُجَّةِ شَرْعِيَّةٍ يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ اتِّبَاعُهَا.