للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُعَارَضٌ بِهَذِهِ الْأَوْصَافِ وَالْمُعَارَضَةُ تُبْطِلُ كُلَّ نَوْعٍ مِنْ الْأَقْيِسَةِ إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّ الْوَصْفَ الَّذِي ادَّعَوْهُ هُوَ الْعِلَّةُ دُونَ هَذَا. الْوَجْهُ الْخَامِسُ أَنَّهُ ثَبَتَ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ مَنْعُ الصَّائِمِ مِنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " {إنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ} وَلَا رَيْبَ أَنَّ الدَّمَ يَتَوَلَّدُ مِنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَإِذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ اتَّسَعَتْ مَجَارِي الشَّيَاطِينِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: " {فَضَيِّقُوا مَجَارِيَهُ بِالْجُوعِ} وَبَعْضُهُمْ يَذْكُرُ هَذَا اللَّفْظَ مَرْفُوعًا. وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " {إذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ وَصُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ} فَإِنَّ مَجَارِيَ الشَّيَاطِينِ الَّذِي هُوَ الدَّمُ ضَاقَتْ وَإِذَا ضَاقَتْ انْبَعَثَتْ الْقُلُوبُ إلَى فِعْلِ الْخَيْرَاتِ الَّتِي بِهَا تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَإِلَى تَرْكِ الْمُنْكَرَاتِ الَّتِي بِهَا تُفْتَحُ أَبْوَابُ النَّارِ وَصُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ فَضَعُفَتْ قُوَّتُهُمْ وَعَمَلُهُمْ بِتَصْفِيدِهِمْ فَلَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يَفْعَلُوا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ فِي غَيْرِهِ وَلَمْ يَقُلْ إنَّهُمْ قُتِلُوا وَلَا مَاتُوا بَلْ قَالَ: " صُفِّدَتْ " وَالْمُصَفَّدُ مِنْ الشَّيَاطِينِ قَدْ يُؤْذِي لَكِنَّ هَذَا أَقَلُّ وَأَضْعَفُ مِمَّا يَكُونُ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ فَهُوَ بِحَسَبِ كَمَالِ الصَّوْمِ وَنَقْصِهِ فَمَنْ كَانَ صَوْمُهُ كَامِلًا دَفَعَ الشَّيْطَانَ دَفْعًا لَا يَدْفَعُهُ دَفْعُ الصَّوْمِ النَّاقِصِ فَهَذِهِ الْمُنَاسَبَةُ ظَاهِرَةٌ فِي مَنْعِ الصَّائِمِ مِنْ الْأَكْلِ