للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قُلْت: وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْإِمَامُ أَحْمَد هُوَ الَّذِي اتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَلِهَذَا أَعْرَضَ مُسْلِمٌ عَنْ الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرَ حِجَامَةَ الصَّائِمِ وَلَمْ يُثْبِتْ إلَّا حِجَامَةَ الْمُحْرِمِ. وَتَأَوَّلُوا أَحَادِيثَ الْحِجَامَةِ بِتَأْوِيلَاتِ ضَعِيفَةٍ كَقَوْلِهِمْ: كَانَا يَغْتَابَانِ وَقَوْلِهِمْ أَفْطَرَ لِسَبَبٍ آخَرَ. وَأَجْوَدُ مَا قِيلَ مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرُهُ أَنَّ هَذَا مَنْسُوخٌ فَإِنَّ هَذَا الْقَوْلَ كَانَ فِي رَمَضَانَ وَاحْتِجَامُهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ بَعْدَ رَمَضَانَ. وَهَذَا أَيْضًا ضَعِيفٌ بَلْ هُوَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَحْرَمَ سَنَةَ سِتٍّ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ بِعُمْرَةٍ فِي ذِي الْقَعْدَةِ وَأَحْرَمَ مِنْ الْعَامِ الْقَابِلِ بِعُمْرَةِ الْقَضِيَّةِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ وَأَحْرَمَ مِنْ الْعَامِ الثَّالِثِ سَنَةَ الْفَتْحِ مِنْ الْجِعْرَانَةِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ بِعُمْرَةِ وَأَحْرَمَ سَنَةَ عَشْرٍ بِحَجَّةِ الْوَدَاعِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ فَاحْتِجَامُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ صَائِمٌ لَمْ يُبَيَّنْ فِي أَيّ الإحرامات كَانَ. وَاَلَّذِي يُقَوِّي أَنَّ إحْرَامَهُ الَّذِي احْتَجَمَ فِيهِ كَانَ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ: قَوْلُهُ " {أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ} فَإِنَّهُ كَانَ عَامَ الْفَتْحِ بِلَا رَيْبٍ هَكَذَا فِي أَجْوَدِ الْأَحَادِيثِ. وَرَوَى أَحْمَد بِإِسْنَادِهِ عَنْ ثَوَبَان {أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى عَلَى رَجُلٍ يَحْتَجِمُ فِي رَمَضَانَ قَالَ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ} .