بِالْمَظِنَّةِ كَمَا أَنَّ النَّائِمَ الَّذِي تَخْرُجُ مِنْهُ الرِّيحُ وَلَا يَدْرِي يُؤْمَرُ بِالْوُضُوءِ فَكَذَلِكَ الْحَاجِمُ يَدْخُلُ شَيْءٌ مِنْ الدَّمِ مَعَ رِيقِهِ إلَى بَطْنِهِ وَهُوَ لَا يَدْرِي. وَالدَّمُ مِنْ أَعْظَمِ الْمُفْطِرَاتِ فَإِنَّهُ حَرَامٌ فِي نَفْسِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ طُغْيَانِ الشَّهْوَةِ وَالْخُرُوجِ عَنْ الْعَدْلِ وَالصَّائِمُ أُمِرَ بِحَسْمِ مَادَّتِهِ فَالدَّمُ يَزِيدُ الدَّمَ فَهُوَ مِنْ جِنْسِ الْمَحْظُورِ. فَيُفْطِرُ الْحَاجِمُ لِهَذَا كَمَا يَنْتَقِضُ وُضُوءُ النَّائِمِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَيْقِنْ خُرُوجَ الرِّيحِ مِنْهُ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ وَلَا يَدْرِي وَكَذَلِكَ الْحَاجِمُ قَدْ يَدْخُلُ الدَّمُ فِي حَلْقِهِ وَهُوَ لَا يَدْرِي. وَأَمَّا الشَّارِطُ فَلَيْسَ بِحَاجِمِ وَهَذَا الْمَعْنَى مُنْتَفٍ فِيهِ فَلَا يُفْطِرُ الشَّارِطُ وَكَذَلِكَ لَوْ قُدِّرَ حَاجِمٌ لَا يَمُصُّ الْقَارُورَةَ بَلْ يَمْتَصُّ غَيْرَهَا أَوْ يَأْخُذُ الدَّمَ بِطَرِيقٍ أُخْرَى لَمْ يُفْطِرْ. وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلَامُهُ خَرَجَ عَلَى الْحَاجِمِ الْمَعْرُوفِ الْمُعْتَادِ. وَإِذَا كَانَ اللَّفْظُ عَامًّا وَإِنْ كَانَ قَصْدُهُ شَخْصًا بِعَيْنِهِ فَيَشْتَرِكُ فِي الْحُكْمِ سَائِرُ النَّوْعِ؛ لِلْعَادَةِ الشَّرْعِيَّةِ مِنْ أَنَّ مَا ثَبَتَ فِي حَقِّ الْوَاحِدِ مِنْ الْأُمَّةِ ثَبَتَ فِي حَقِّ الْجَمِيعِ فَهَذَا أَبْلَغُ فَلَا يَثْبُتُ بِلَفْظِهِ مَا يَظْهَرُ لَفْظًا وَمَعْنًى أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ مَعَ بُعْدِهِ عَنْ الشَّرْعِ وَالْعَقْلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute