عَلَى حَسَبِ مَا يَحْتَمِلُهُ حَالُهُ إمَّا أَنْ يُفْطِرَ ثُلْثَيْ الدَّهْرِ أَوْ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ أَوْ جَمِيعَهُ فَإِذَا أَصْلَحَ حَالَهُ فَإِنْ أَمْكَنَهُ الْعَوْدُ إلَى صَوْمِ يَوْمٍ وَفِطْرِ يَوْمٍ بِلَا مَضَرَّةٍ وَإِلَّا صَامَ مَا يَنْفَعُهُ مِنْ الصَّوْمِ وَلَا يَشْغَلُهُ عَمَّا هُوَ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ مِنْهُ. فَاَللَّهُ لَا يُحِبُّ أَنْ يُتْرَكَ الْأَحَبُّ إلَيْهِ بِفِعْلِ مَا هُوَ دُونَهُ فَكَيْفَ يُوجِبُ ذَلِكَ. وَأَمَّا النُّورُ الَّذِي وَجَدَهُ بِهَذَا الصَّوْمِ: فَمَعْلُومٌ أَنَّ جِنْسَ الْعِبَادَاتِ لَيْسَ شَرًّا مَحْضًا بَلْ الْعِبَادَاتُ الْمَنْهِيُّ عَنْهَا تَشْتَمِلُ عَلَى مَنْفَعَةٍ وَمَضَرَّةٍ وَلَكِنْ لَمَّا تَرَجَّحَ ضَرَرُهَا عَلَى نَفْعِهَا نَهَى عَنْهَا الشَّارِعُ كَمَا نَهَى عَنْ صِيَامِ الدَّهْرِ وَقِيَامِ اللَّيْلِ كُلِّهِ دَائِمًا وَعَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ مَعَ أَنَّ خَلْقًا يَجِدُونَ فِي الْمُوَاصَلَةِ الدَّائِمَةِ نُورًا بِسَبَبِ كَثْرَةِ الْجُوعِ وَذَلِكَ مِنْ جِنْسِ مَا يَجِدُهُ الْكُفَّارُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْأُمِّيِّينَ. مِثْلُ الرُّهْبَانِ وَعُبَّادِ الْقُبُورِ لَكِنْ يَعُودُ ذَلِكَ الْجُوعُ الْمُفْرِطُ الزَّائِدُ عَلَى الْحَدِّ الْمَشْرُوعِ يُوجِبُ لَهُمْ ضَرَرًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَيَكُونُ إثْمُهُ أَكْثَرَ مِنْ نَفْعِهِ. كَمَا قَدْ رَأَيْنَا مِنْ هَؤُلَاءِ خَلْقًا كَثِيرًا آلَ بِهِمْ الْإِفْرَاطُ فِيمَا يُعَانُونَهُ. مِنْ شَدَائِدِ الْأَعْمَالِ إلَى التَّفْرِيطِ وَالتَّثْبِيطِ وَالْمَلَلِ وَالْبَطَالَةِ وَرُبَّمَا انْقَطَعُوا عَنْ اللَّهِ بِالْكُلِّيَّةِ أَوْ بِالْأَعْمَالِ الْمَرْجُوحَةِ عَنْ الرَّاجِحَةِ أَوْ بِذَهَابِ الْعَقْلِ بِالْكُلِّيَّةِ أَوْ بِحُصُولِ خَلَلٍ فِيهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ أَصْلَ أَعْمَالِهِمْ وَأَسَاسَهَا عَلَى غَيْرِ اسْتِقَامَةٍ وَمُتَابَعَةٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute