للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِلَّهِ سُبْحَانَهُ. وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ نِيَّةَ نَوْعِ الْعَمَلِ الْوَاجِبِ لَا بُدَّ مِنْهَا فِي الْجُمْلَةِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَقْصِدَ الصَّلَاةَ أَوْ الْحَجَّ أَوْ الصِّيَامَ وَلَهُمْ فِي فُرُوعِ ذَلِكَ تَفْصِيلٌ وَخِلَافٌ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهُ. وَاخْتَلَفُوا فِي النِّيَّةِ الْأُولَى: وَهِيَ نِيَّةُ الْإِضَافَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى: مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: لَا تَجِبُ نِيَّةُ الْإِضَافَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْعِبَادَاتِ الْمَقْصُودَةِ كَالصَّلَاةِ وَالْحَجِّ وَالصَّوْمِ وَغَيْرِ الْمَقْصُودَةِ كَالطَّهَارَةِ وَالتَّيَمُّمِ " وَكَذَلِكَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ لَمْ يَعْتَبِرُوا نِيَّةَ الْإِضَافَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ. وَذَلِكَ لِأَنَّ نَفْسَ نِيَّةِ فِعْلِ الْعِبَادَةِ تَتَضَمَّنُ الْإِضَافَةَ كَمَا تَتَضَمَّنُ عَدَدَ الرَّكَعَاتِ فَإِنَّ الصَّلَاةَ لَا تُشْرَعُ إلَّا لِلَّهِ تَعَالَى كَمَا أَنَّ صَلَاةَ الظُّهْرِ فِي الْحَضَرِ لَا تَكُونُ إلَّا أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فَلِهَذَا لَمْ تَجِبْ نِيَّةُ الْإِضَافَةِ. وَأَيْضًا: النِّيَّةُ الْحُكْمِيَّةُ تَقُومُ مَقَامَ النِّيَّةِ الْمُسْتَحْضَرَةِ وَإِنْ كَانَتْ النِّيَّةُ الْمُسْتَحْضَرَةُ أَكْمَلَ وَأَفْضَلَ فَإِذَا نَوَى الْعَبْدُ صَلَاةَ الظُّهْرِ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ أَجْزَأَهُ اسْتِصْحَابُ النِّيَّةِ حُكْمًا فَكَذَلِكَ الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ الَّذِي دَخَلَ الْإِيمَانُ فِي قَلْبِهِ قَدْ نَوَى نِيَّةً عَامَّةً: أَنَّ عِبَادَاتِهِ هِيَ لَهُ لَا لِغَيْرِهِ فَإِنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كَانَ مُنَافِقًا. فَإِذَا نَوَى عِبَادَةً مُعَيَّنَةً مِنْ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ كَانَ مُسْتَصْحِبًا لِحُكْمِ تِلْكَ