لِأَنَّ قَوْمَهُ قَاتَلُوهُمْ فَقَاتَلَ تَبَعًا لِقَوْمِهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ. فَهَؤُلَاءِ لَا تَصِحُّ عِبَادَتُهُمْ بِلَا تَرَدُّدٍ بَلْ نُصُوصُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ قَاضِيَةٌ بِأَنَّ هَذِهِ الْأَعْمَالَ لَا تُسْقِطُ الْفَرْضَ فَلَا يَظُنُّ ظَانٌّ أَنَّ قَوْلَ مَنْ قَالَ مِنْ الْفُقَهَاءِ: إنَّ نِيَّةَ الْإِضَافَةِ لَيْسَتْ وَاجِبَةً: أَرَادَ مِثْلَ هَؤُلَاءِ وَإِنَّمَا اكْتَفَى فِيهَا بِالنِّيَّةِ الْحُكْمِيَّةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ. فَفَرَّقَ بَيْنَ مَنْ لَمْ يُرِدْ اللَّهَ بِعَمَلِهِ لَا جُمْلَةً وَلَا تَفْصِيلًا وَبَيْنَ مَنْ أَرَادَهُ جُمْلَةً وَذُهِلَ عَنْ إرَادَتِهِ بِالْعَمَلِ الْمُعَيَّنِ تَفْصِيلًا. فَإِنَّ أَحَدًا مِنْ الْأُمَّةِ لَا يَقُولُ: إنَّ الْأَوَّلَ عَابِدٌ لِلَّهِ وَلَا مُؤَدٍّ لِمَا أَمَرَ بِهِ أَصْلًا؛ وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ اشْتَرَطَ هَذِهِ النِّيَّةَ عِنْدَ الْعَمَلِ الْمُعَيَّنِ فَقَالَ: النِّيَّةُ الْوَاجِبَةُ فِي الصَّلَاةِ أَنْ يَعْتَقِدَ أَدَاءَ فِعْلِ مَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ فِعْلِ الصَّلَاةِ بِعَيْنِهَا وَامْتِثَالِ أَمْرِهِ الْوَاجِبِ مِنْ غَيْرِ رِيَاءٍ وَلَا سُمْعَةٍ. وَلَفْظُ بَعْضِهِمْ: اتِّبَاعُ أَمْرِهِ وَإِخْلَاصُ الْعَمَلِ لَهُ. وَعَلَى هَذَا يَدُلُّ كَلَامُ أَكْثَرِهِمْ فَإِنَّهُمْ يَسْتَدِلُّونَ عَلَى النِّيَّةِ الْوَاجِبَةِ فِي الطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ وَنَحْوِهِمَا بِقَوْلِهِ: {وَمَا أُمِرُوا إلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} قَالُوا: وَإِخْلَاصُ الدِّينِ هُوَ النِّيَّةُ. وَمَنْ اغْتَسَلَ لِلتَّبَرُّدِ أَوْ التَّنَظُّفِ لَمْ يُخْلِصْ الدِّينَ لِلَّهِ وَيَسْتَدِلُّونَ بِقَوْلِهِ: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ} قَالُوا: وَمَنْ اغْتَسَلَ لِلتَّبَرُّدِ وَالتَّنَظُّفِ لَمْ يُرِدْ حَرْثَ الْآخِرَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute