مِنْهُ فَوَقَعَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ الْمَلَكُ فَظَنَّ الْقَارِئُ أَنَّهُ الْمَلِكُ وَأَنَّهُ اللَّهُ وَهَذَا غَلَطٌ وَبَاطِلٌ. وَبِالْجُمْلَةِ أَنَّ كُلَّ حَدِيثٍ فِيهِ {أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَبَّهُ بِعَيْنَيْهِ فِي الْأَرْضِ} وَفِيهِ {أَنَّهُ نَزَلَ لَهُ إلَى الْأَرْضِ} وَفِيهِ {أَنَّ رِيَاضَ الْجَنَّةِ مِنْ خُطُوَاتِ الْحَقِّ} وَفِيهِ {أَنَّهُ وَطِئَ عَلَى صَخْرَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ} كُلُّ هَذَا كَذِبٌ بَاطِلٌ بِاتِّفَاقِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِمْ. وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ ادَّعَى أَنَّهُ رَأَى رَبَّهُ بِعَيْنَيْهِ قَبْلَ الْمَوْتِ فَدَعْوَاهُ بَاطِلٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ؛ لِأَنَّهُمْ اتَّفَقُوا جَمِيعُهُمْ عَلَى أَنَّ أَحَدًا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ لَا يَرَى رَبَّهُ بِعَيْنَيْ رَأْسِهِ حَتَّى يَمُوتَ. وَثَبَتَ ذَلِكَ فِي صَحِيحٍ مُسْلِمٍ عَنْ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ الدَّجَّالَ قَالَ: وَاعْلَمُوا أَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ لَنْ يَرَى رَبَّهُ حَتَّى يَمُوتَ} . وَكَذَلِكَ رُوِيَ هَذَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وُجُوهٍ أُخَرَ: يُحَذِّرُ أُمَّتَهُ فِتْنَةَ الدَّجَّالِ وَبَيَّنَ لَهُمْ " أَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ لَنْ يَرَى رَبَّهُ حَتَّى يَمُوتَ " فَلَا يَظُنَّن أَحَدٌ أَنَّ هَذَا الدَّجَّالَ الَّذِي رَآهُ هُوَ رَبُّهُ. وَلَكِنَّ الَّذِي يَقَعُ لِأَهْلِ حَقَائِقِ الْإِيمَانِ مِنْ الْمَعْرِفَةِ بِاَللَّهِ وَيَقِينِ الْقُلُوبِ وَمُشَاهَدَتِهَا وَتَجَلِّيَاتِهَا هُوَ عَلَى مَرَاتِبَ كَثِيرَةٍ؛ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لَمَّا سَأَلَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ الْإِحْسَانِ قَالَ: الْإِحْسَانُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّك تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاك} .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute