للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِنَّهُ قَالَ: {لَوْ اسْتَقْبَلْت مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْت لَمَا سُقْت الْهَدْيَ وَلَجَعَلْتهَا عُمْرَةً} . فَكَلَامُهُ إنَّمَا كَانَ فِي أَيِّهِمَا أَفْضَلُ: أَنْ يَسُوقَ وَيَقْرِنَ أَوْ يَتَمَتَّعَ وَلَا يَسُوقَ؟ . لِأَنَّهُ إذَا سَاقَ الْهَدْيَ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ. فَهَذَا مِمَّا يَخْتَلِفُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ لِأَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لَوْ اسْتَقْبَلْت مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْت لَمَا سُقْت الْهَدْيَ وَلَجَعَلْتهَا عُمْرَةً} هَلْ كَانَ لِأَنَّ التَّحَلُّلَ بِعُمْرَةِ أَفْضَلُ مِنْ الْقِرَانِ أَمْ لَا: مُوَافَقَةً لِأَصْحَابِهِ لَمَّا أَمَرَهُمْ بِالتَّحَلُّلِ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ. فَهَذَا مَوْرِدُ اجْتِهَادٍ. وَلَمْ يَخْتَلِفْ كَلَامُ أَحْمَد أَنَّ مَنْ لَمْ يَسُقْ الْهَدْيَ وَقَدِمَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَالتَّمَتُّعُ أَفْضَلُ لَهُ. وَأَيْضًا: فَإِنَّهُ إذَا سَاقَ الْهَدْيَ وَقَدِمَ فِي الْعَشْرِ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّحَلُّلُ عِنْدَ أَحْمَد وَأَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِمَا حَتَّى يَنْحَرَ الْهَدْيَ يَوْمَ النَّحْرِ سَوَاءٌ كَانَ مُتَمَتِّعًا التَّمَتُّعَ الْخَاصَّ أَوْ قَارِنًا. وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُتَمَتِّعِ وَالْقَارِنِ عِنْدَ أَحْمَد إلَّا فِي شَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْقَارِنَ يَكُونُ قَدْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ قَبْلَ الطَّوَافِ سَوَاءٌ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مَعَ الْعُمْرَةِ أَوْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهَا الْحَجَّ. بِأَنَّهُ فِي كِلَيْهِمَا قَارِنٌ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ. وَأَمَّا الْمُتَمَتِّعُ التَّمَتُّعَ الْخَاصَّ: فَإِنَّهُ يُؤَخِّرُ إحْرَامَهُ بِالْحَجِّ إلَى مَا بَعْدَ