تُبَيِّنُ أَنَّهُ لَمْ يَطُفْ بِالْبَيْتِ وَالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً. وَأَمَّا مَنْ قَالَ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَد: إنَّهُ تَمَتَّعَ وَلَمْ يَحِلَّ مِنْ إحْرَامِهِ؛ لِأَجْلِ سَوْقِ الْهَدْيِ كَمَا يَخْتَارُهُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُ فَالتَّمَتُّعُ عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَهُمْ: السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ لِلْحَجِّ كَمَا سَعَى أَوَّلًا لِلْعُمْرَةِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْعَ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ فَكَيْفَ يَكُونُ مُتَمَتِّعًا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ؟ لَكِنْ عَنْ أَحْمَد رِوَايَةٌ أُخْرَى أَنَّ الْمُتَمَتِّعَ لَا يَحْتَاجُ إلَى سَعْيٍ ثَانٍ بَلْ يَكْفِيهِ السَّعْيُ الْأَوَّلُ كَمَا يَكْفِي الْمُفْرِدَ وَكَمَا يَكْفِي الْقَارِنَ. وَسَبَبُ اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَد أَنَّ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ: " أَنَّهُمْ لَمْ يَطُوفُوا بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إلَّا الطَّوَافَ الْأَوَّلَ " وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ: " أَنَّهُمْ طَافُوا بَعْدَ التَّعْرِيفِ " فَإِنَّهُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَا يَتَوَجَّهُ هَذَا الْإِلْزَامُ؛ لَكِنْ لَا يَبْقَى بَيْنَ الْقَارِنِ وَبَيْنَ الْمُتَمَتِّعِ الَّذِي سَاقَ الْهَدْيَ - فَلَمْ يَحِلَّ لِأَجْلِهِ - فَرْقٌ إلَّا أَنَّ الْقَارِنَ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ قَبْلَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَالْمُتَمَتِّعُ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِذَا كَانَ إدْخَالُهُ الْحَجَّ عَلَيْهَا بَعْدَ طَوَافِهِ وَسَعْيِهِ كَإِدْخَالِهِ قَبْلَ طَوَافِهِ وَسَعْيِهِ لَا يُوجِبُ عَلَيْهِ سَعْيًا ثَانِيًا: لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْقَارِنِ وَالْمُتَمَتِّعِ الَّذِي لَمْ يَحِلَّ فَرْقٌ أَصْلًا. وَعَلَى هَذَا فَإِحْرَامُهُ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ وَيَسْعَى أَفْضَلُ مِنْ أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute