للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الَّذِي فَعَلَهُ مَفْضُولٌ بَلْ لِأَنَّ أَصْحَابَهُ شَقَّ عَلَيْهِمْ أَنْ يَحِلُّوا مِنْ إحْرَامِهِمْ مَعَ بَقَائِهِ مُحْرِمًا فَكَانَ يَخْتَارُ مُوَافَقَتَهُمْ لِيَفْعَلُوا مَا أُمِرُوا بِهِ عَنْ انْشِرَاحٍ وَمُوَافَقَةٍ. وَقَدْ يَنْتَقِلُ عَنْ الْأَفْضَلِ إلَى الْمَفْضُولِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُوَافَقَةِ وَائْتِلَافِ الْقُلُوبِ كَمَا {قال لِعَائِشَةَ: لَوْلَا أَنَّ قَوْمَك حَدِيثُو عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ لَنَقَضْت الْكَعْبَةَ وَلَجَعَلْت لَهَا بَابَيْنِ} فَهُنَا تَرْكُ مَا هُوَ الْأَوْلَى؛ لِأَجْلِ الْمُوَافَقَةِ وَالتَّأْلِيفِ الَّذِي هُوَ الْأَدْنَى مِنْ هَذَا الْأَوْلَى فَكَذَلِكَ اخْتَارَ الْمُتْعَةَ بِلَا هَدْيٍ. وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَيَكُونُ اللَّهُ قَدْ جَمَعَ لَهُ بَيْنَ أَنْ فَعَلَ الْأَفْضَلَ وَبَيْنَ أَنْ أَعْطَاهُ بِمَا يَرَاهُ مِنْ الْمُوَافَقَةِ لَهُمْ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْفَضْلِ فَاجْتَمَعَ لَهُ الْأَجْرَانِ وَهَذَا هُوَ اللَّائِقُ بِحَالِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَيِّنُ ذَلِكَ: أَنَّ سَوْقَ الْهَدْيِ أَفْضَلُ مِنْ تَرْكِ سَوْقِهِ وَقَدْ سَاقَ مِائَةَ بَدَنَةٍ فَكَيْفَ يَكُونُ تَرْكُ ذَلِكَ أَفْضَلَ فِي نَفْسِهِ بِمُجَرَّدِ التَّحَلُّلِ وَالْإِحْرَامِ ثَانِيًا وَسَوْقُ الْهَدْيِ فِيهِ مِنْ تَعْظِيمِ شَعَائِرِ اللَّهِ مَا لَيْسَ فِي تَكَرُّرِ التَّحَلُّلِ وَالتَّحْرِيمِ. يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُتَمَتِّعَ إذَا سَاقَ الْهَدْيَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَفْضَلَ مِنْ جَمِيعِ مَنْ لَمْ يَسُقْ وَالْقَارِنُ الَّذِي سَاقَ الْهَدْيَ أَفْضَلُ مِنْهُمَا. وَأَيْضًا فَإِنَّ الْقَارِنَ وَالْمُتَمَتِّعَ عَلَيْهِ هَدْيٌ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْهَدْيَ الَّذِي يَسُوقُهُ