للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُخْتَلَفًا فِي وُجُوبِهِ مُتَّفَقًا عَلَى جَوَازِهِ وَغَيْرُهُ لَيْسَ بِوَاجِبِ وَلَمْ يُتَّفَقْ عَلَى جَوَازِهِ كَانَ الْحَجُّ الَّذِي اُتُّفِقَ عَلَى جَوَازِهِ أَوْلَى. وَلَا يُعَارِضُ هَذَا أَنَّ بَعْضَ الْمُتَقَدِّمِينَ كَانَ يَنْهَى عَنْ الْمُتْعَةِ، وَكَانَ بَعْضُ الْوُلَاةِ يَضْرِبُ عَلَيْهَا فَعُلَمَاءُ أَصْحَابِ هَذَا الْقَوْلِ قَدْ قِيلَ: إنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يُحَرِّمُونَ الْمُتْعَةَ بَلْ كَانُوا يَخْتَارُونَ أَنْ يَعْتَمِرَ النَّاسُ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ كَيْ لَا يَزَالَ الْبَيْتُ مَعْمُورًا بِالْحُجَّاجِ وَالْعُمَّارِ. وَمَنْ قَدَّرَ أَنَّهُ نُهِيَ عَنْ ذَلِكَ نَهْيُ تَحْرِيمٍ فَهَذَا قَوْلٌ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ الثَّابِتَةِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ مُخَالَفَتِهِ لِكِتَابِ اللَّهِ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ.

وَأَمَّا تَنَازُعُ الْعُلَمَاءِ فِي جَوَازِ فَسْخِ الْمُفْرِدِ وَالْقَارِنِ وَانْتِقَالِهِمَا إلَى التَّمَتُّعِ. فَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ قَالَ: إنَّ ذَلِكَ مَنْسُوخٌ وَأَنَّ ذَلِكَ كَانَ مَخْصُوصًا بِاَلَّذِينَ حَجُّوا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ بَعْضُهُمْ: لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ أَنْ يُعْلِمَهُمْ جَوَازَ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ. وَقَالَ آخَرُونَ: هَذَا قَوْلٌ ضَعِيفٌ جِدًّا فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ غَيْرَ مَرَّةٍ بَلْ عُمَرُهُ كَانَتْ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ: عُمْرَةُ الْحُدَيْبِيَةِ كَانَتْ فِي ذِي الْقِعْدَةِ وَعُمْرَةُ الْقَضَاءِ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ كَانَتْ فِي ذِي الْقِعْدَةِ وَعُمْرَةُ الْجِعْرَانَةِ كَانَتْ فِي ذِي الْقِعْدَةِ أَمَا كَانَ فِي هَذَا مَا يُبَيِّنُ جَوَازَ الِاعْتِمَارِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ. وَأَيْضًا فَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ {أنهم لَمَّا كَانُوا بِذِي الحليفة. قَالَ: مَنْ شَاءَ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةِ وَحَجَّةٍ فَلْيَفْعَلْ وَمَنْ شَاءَ أَنْ يُهِلَّ بِحَجَّةِ