وَمُزْدَلِفَةُ وَمِنَى. ثُمَّ أَفَاضَ آخِرَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ بَعْدَ رَمْيِ الْجَمَرَاتِ هُوَ وَالْمُسْلِمُونَ فَنَزَلَ بِالْمُحَصِّبِ عِنْدَ خَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ فَبَاتَ هُوَ وَالْمُسْلِمُونَ فِيهِ لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ. وَبَعَثَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ عَائِشَةَ مَعَ أَخِيهَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ لِتَعْتَمِرَ مِنْ التَّنْعِيمِ وَهُوَ أَقْرَبُ أَطْرَافِ الْحَرَمِ إلَى مَكَّةَ مِنْ طَرِيقِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. وَقَدْ بُنِيَ بَعْدَهُ هُنَاكَ مَسْجِدٌ سَمَّاهُ النَّاسُ مَسْجِدَ عَائِشَةَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتَمِرْ بَعْدَ الْحَجِّ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَصْحَابِهِ أَحَدٌ قَطُّ إلَّا عَائِشَةَ لِأَجْلِ أَنَّهَا كَانَتْ قَدْ حَاضَتْ لَمَّا قَدِمَتْ. وَكَانَتْ مُعْتَمِرَةً فَلَمْ تَطُفْ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِالْبَيْتِ وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. {وقال لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْضِي مَا يَقْضِي الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ} . ثُمَّ وَدَّعَ الْبَيْتَ هُوَ وَالْمُسْلِمُونَ وَرَجَعُوا إلَى الْمَدِينَةِ وَلَمْ يُقِمْ بَعْدَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَلَا اعْتَمَرَ أَحَدٌ قَطُّ عَلَى عَهْدِهِ عُمْرَةً يَخْرُجُ فِيهَا مِنْ الْحَرَمِ إلَى الْحِلِّ إلَّا عَائِشَةَ وَحْدَهَا. فَأَخَذَ فُقَهَاءُ الْحَدِيثِ: كَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ بِسُنَّتِهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَإِنْ كَانَ مِنْهُمْ وَمِنْ غَيْرِهِمْ مَنْ قَدْ يُخَالِفُ بَعْضَ ذَلِكَ بِتَأْوِيلِ تَخْفَى عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute