للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَحَلَّ مِنْ إحْرَامِهِ فَقَدْ غَلِطَ وَكَذَلِكَ مَنْ قَالَ: إنَّهُ لَمْ يَعْتَمِرْ فِي حَجَّتِهِ فَقَدْ غَلِطَ. وَأَمَّا مَنْ تَوَهَّمَ مِنْ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ: أَنَّهُ اعْتَمَرَ بَعْدَ حَجَّتِهِ كَمَا يَفْعَلُهُ الْمُخْتَارُونَ لِلْإِفْرَادِ إذَا جَمَعُوا بَيْنَ النسكين: فَهَذَا لَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ وَلَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ أَصْلًا مِنْ الْعَالِمِينَ بِحَجَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ: أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا هُوَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ اعْتَمَرَ بَعْدَ الْحَجِّ إلَّا عَائِشَةَ. وَلِهَذَا لَا يُعْرَفُ مَوْضِعُ الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ إلَّا بِمَسَاجِدِ عَائِشَةَ حَيْثُ لَمْ يَخْرُجْ أَحَدٌ مِنْ الْحَرَمِ إلَى الْحِلِّ فَيُحْرِمْ بِالْعُمْرَةِ إلَّا هِيَ وَلَا كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْضًا قَارِنًا قِرَانًا طَافَ فِيهِ طَوَافَيْنِ وَسَعَى سعيين. فَإِنَّ الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةَ كُلَّهَا تُصَرِّحُ بِأَنَّهُ إنَّمَا طَافَ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ قَبْلَ التَّعْرِيفِ مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ. فَمَنْ قَالَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ أَوْ مَالِكٍ أَوْ الشَّافِعِيِّ أَوْ أَحْمَد شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْمَقَالَاتِ فَقَدْ غَلِطَ. وَسَبَبُ غَلَطِهِ: أَلْفَاظٌ مُشْتَرَكَةٌ سَمِعَهَا فِي أَلْفَاظِ الصَّحَابَةِ النَّاقِلِينَ لَحَجَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الصِّحَاحِ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ - مِنْهُمْ: عَائِشَةُ وَابْنُ عُمَرَ وَغَيْرُهُمَا -: {أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ} وَثَبَتَ أَيْضًا عَنْهُمْ {أَنَّهُ أَفْرَدَ الْحَجَّ}