للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمَنْ قَالَ هَذَا قَالَ: الْمَطَافُ أَشْرَفُ الْمَسَاجِدِ وَلَا يَكَادُ يَخْلُو مِنْ طَائِفٍ. وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} فَأَمَرَ بِأَخْذِهَا عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَهَذَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّ الْمُصَلِّيَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَتِرَ لِنَفْسِ الصَّلَاةِ وَالصَّلَاةُ تُفْعَلُ فِي جَمِيعِ الْبِقَاعِ فَلَوْ صَلَّى وَحْدَهُ فِي بَيْتٍ مُظْلِمٍ لَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَفْعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ مِنْ السَّتْرِ لِلصَّلَاةِ بِخِلَافِ الطَّوَافِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ وَالِاعْتِكَافُ يُشْتَرَطُ فِيهِ جِنْسُ الْمَسَاجِدِ. وَعَلَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ فَلَا يَحْرُمُ طَوَافُ الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ إذَا اُضْطُرَّ إلَى ذَلِكَ كَمَا لَا يَحْرُمُ عِنْدَهُمْ الطَّوَافُ عَلَى الْمُحْدِثِ بِحَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِمَا دُخُولُ الْمَسْجِدِ حِينَئِذٍ وَهُمَا إذَا كَانَا مُضْطَرَّيْنِ إلَى ذَلِكَ أَوْلَى بِالْجَوَازِ مِنْ الْمُحْدِثِ الَّذِي يُجَوِّزُونَ لَهُ الطَّوَافَ مَعَ الْحَدَثِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُحْدِثَ مُنِعَ مِنْ الصَّلَاةِ وَمَسِّ الْمُصْحَفِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الطِّهَارَةِ وَذَلِكَ جَائِزٌ لِلْجُنُبِ مَعَ التَّيَمُّمِ وَإِذَا عَجَزَ عَنْ التَّيَمُّمِ صَلَّى بِلَا غَسْلٍ وَلَا تَيَمُّمٍ فِي أَحَدِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ الصَّحَابَةَ صَلَّوْا مَعَ الْجَنَابَةِ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ آيَةُ التَّيَمُّمِ. وَالْحَائِضُ نُهِيَتْ عَنْ الصَّوْمِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مُحْتَاجَةً إلَى الصَّوْمِ فِي الْحَيْضِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُهَا أَنْ تَصُومَ شَهْرًا آخَرَ غَيْرَ رَمَضَانَ فَإِذَا كَانَ الْمُسَافِرُ وَالْمَرِيضُ