التَّطَوُّعِ الَّتِي لَا سَبَبَ لَهَا فِي أَوْقَاتِ النَّهْيِ بِخِلَافِ ذَوَاتِ الْأَسْبَابِ فَإِنَّ الرَّاجِحَ فِي الدَّلِيلِ مِنْ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ: أَنَّهَا تَجُوزُ لِحَاجَتِهِ إلَيْهَا فَإِنَّهُ إنْ لَمْ يَفْعَلْهَا تَعَذَّرَ فِعْلُهَا وَفَاتَتْ مَصْلَحَتُهَا؛ بِخِلَافِ التَّطَوُّعِ الْمَحْضِ فَإِنَّهُ لَا يَفُوتُ. وَالصَّوْمُ مِنْ هَذَا الْبَابِ لَيْسَ لَهَا صَوْمٌ إلَّا وَيُمْكِنُ فِعْلُهُ فِي أَيَّامِ الطُّهْرِ وَلِهَذَا جَازَ لِلْمُسْتَحَاضَةِ الصَّوْمُ وَالصَّلَاةُ. وَأَمَّا الصَّلَاةُ: فَإِنَّهَا لَوْ أُبِيحَتْ مَعَ الْحَيْضِ لَمْ يَكُنْ الْحَيْضُ مَانِعًا مِنْ الصَّلَاةِ بِحَالِ فَإِنَّ الْحَيْضَ مِمَّا يَعْتَادُ النِّسَاءَ كَمَا {قال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَائِشَةَ: إنَّ هَذَا شَيْءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ} فَلَوْ أَذِنَ لَهُنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُصَلِّينَ بِالْحَيْضِ صَارَتْ الصَّلَاةُ مَعَ الْحَيْضِ كَالصَّلَاةِ مَعَ الطُّهْرِ. ثُمَّ إنْ أُبِيحَ سَائِرُ الْعِبَادَاتِ لَمْ يَبْقَ الْحَيْضُ مَانِعًا مَعَ أَنَّ الْجَنَابَةَ وَالْحَدَثَ الْأَصْغَرَ مَانِعٌ وَهَذَا تَنَاقُضٌ عَظِيمٌ وَإِنْ حُرِّمَ مَا دُونَ الصَّلَاةِ وَأُبِيحَتْ الصَّلَاةُ كَانَ أَيْضًا تَنَاقُضًا وَلَمْ تَكُنْ مُحْتَاجَةً إلَى الصَّلَاةِ زَمَنَ الْحَيْضِ فَإِنَّ لَهَا فِي الصَّلَاةِ زَمَنَ الطُّهْرِ - وَهُوَ أَغْلَبُ أَوْقَاتِهَا - مَا يُغْنِيهَا عَنْ الصَّلَاةِ أَيَّامَ الْحَيْضِ وَلَكِنْ رُخِّصَ لَهَا فِيمَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ التَّلْبِيَةِ وَالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ. وَقَدْ أُمِرَتْ مَعَ ذَلِكَ بِالِاغْتِسَالِ كَمَا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْمَاءَ أَنْ تَغْتَسِلَ عِنْدَ الْإِحْرَامِ لَمَّا نُفِسَتْ بِمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ. وَأَمَرَ أَيْضًا بِذَلِكَ النِّسَاءَ مُطْلَقًا وَأَمَرَ عَائِشَةَ حِينَ حَاضَتْ بِسَرِفِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute