فِي الِاحْتِلَامِ فَلَمَّا لَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ عَنْهُ أَنَّهُ أَمَرَ بِإِزَالَةِ ذَلِكَ لَا بِغَسْلِ وَلَا فَرْكٍ مَعَ كَثْرَةِ إصَابَةِ ذَلِكَ الْأَبْدَانَ وَالثِّيَابَ عَلَى عَهْدِهِ وَإِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ بِذَلِكَ وَيَمْتَنِعُ أَنْ تَكُونَ إزَالَتُهُ وَاجِبَةً وَلَا يَأْمُرُ بِهِ مَعَ عُمُومِ الْبَلْوَى بِذَلِكَ. كَمَا أَمَرَ بِالِاسْتِنْجَاءِ مِنْ الْغَائِطِ وَالْبَوْلِ وَالْحَائِضِ بِإِزَالَةِ دَمِ الْحَيْضِ مِنْ ثَوْبِهَا. وَكَذَلِكَ الْوُضُوءُ مِنْ لَمْسِ النِّسَاءِ وَمِنْ النَّجَاسَاتِ الْخَارِجَةِ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ: لَمْ يَأْمُرْ الْمُسْلِمِينَ بِالْوُضُوءِ مِنْ ذَلِكَ مَعَ كَثْرَةِ ابْتِلَائِهِمْ بِهِ وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَكَانَ يَجِبُ الْأَمْرُ بِهِ وَكَانَ إذَا أَمَرَ بِهِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَنْقُلَهُ الْمُسْلِمُونَ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا تَتَوَفَّرُ الْهِمَمُ وَالدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ. وَأَمْرُهُ بِالْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ وَمِمَّا مَسَّتْ النَّارُ: أَمْرُ اسْتِحْبَابٍ فَهَذَا أَوْلَى أَنْ لَا يَكُونَ إلَّا مُسْتَحَبًّا وَإِذَا كَانَتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَضَتْ بِأَنَّهُ يُرَخَّصُ لِلْحَائِضِ فِيمَا لَا يُرَخَّصُ فِيهِ لِلْجُنُبِ لِأَجْلِ حَاجَتِهَا إلَى ذَلِكَ لِعَدَمِ إمْكَانِ تَطَهُّرِهَا وَأَنَّهُ إنَّمَا حَرُمَ عَلَيْهَا مَا لَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ فَمُنِعَتْ مِنْهُ كَمَا مُنِعَتْ مِنْ الصَّوْمِ؛ لِأَجْلِ حَدَثِ الْحَيْضِ وَعَدَمِ احْتِيَاجِهَا إلَى الصَّوْمِ وَمُنِعَتْ مِنْ الصَّلَاةِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى؛ لِاعْتِيَاضِهَا عَنْ صَلَاةِ الْحَيْضِ بِالصَّلَاةِ بِالطُّهْرِ فَهِيَ الَّتِي مُنِعَتْ مِنْ الطَّوَافِ إذَا أَمْكَنَهَا أَنْ تَطُوفَ مَعَ الطُّهْرِ؛ لِأَنَّ الطَّوَافَ يُشْبِهُ الصَّلَاةَ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ وَلَيْسَ كَالصَّلَاةِ مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute