للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَلْ تَحْرِيمُ الدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ أَعْظَمُ الْأُمُورِ وَقَدْ أُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ. وَاَلَّذِي جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ أَنَّ الطَّوَافَ عِبَادَةٌ مُتَوَسِّطَةٌ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَبَيْنَ سَائِرِ الْمَنَاسِكِ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ لِنَهْيِ الْحَائِضِ عَنْهُ فَالصَّلَاةُ أَكْمَلُ مِنْهُ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الصَّلَاةَ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ وَلِأَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِالْمَسْجِدِ فَلِهَاتَيْنِ الْحُرْمَتَيْنِ مُنِعَتْ مِنْهُ الْحَائِضُ وَلَمْ تَأْتِ سُنَّةٌ تَمْنَعُ الْمُحْدِثَ مِنْهُ وَمَا لَمْ يَحْرُمْ عَلَى الْمُحْدِثِ فَلَا يَحْرُمُ عَلَى الْحَائِضِ مَعَ الضَّرُورَةِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى كَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَكَالِاعْتِكَافِ فِي الْمَسْجِدِ وَلَوْ حَرُمَ عَلَيْهَا مَعَ الْحَدَثِ فَلَا يَلْزَمُ تَحْرِيمُ ذَلِكَ مَعَ الضَّرُورَةِ كَمَسِّ الْمُصْحَفِ وَغَيْرِهِ. وَمَنْ جَعَلَ حُكْمَ الطَّوَافِ مِثْلَ حُكْمِ الصَّلَاةِ فِيمَا يَجِبُ وَيَحْرُمُ فَقَدْ خَالَفَ النَّصَّ وَالْإِجْمَاعَ. وَلَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يَحْتَجَّ بِقَوْلِ أَحَدٍ فِي مَسَائِلِ النِّزَاعِ وَإِنَّمَا الْحُجَّةُ النَّصُّ وَالْإِجْمَاعُ، وَدَلِيلٌ مُسْتَنْبَطٌ مِنْ ذَلِكَ تُقَرَّرُ مُقَدِّمَاتُهُ بِالْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ لَا بِأَقْوَالِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ؛ فَإِنَّ أَقْوَالَ الْعُلَمَاءِ يُحْتَجُّ لَهَا بِالْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ لَا يُحْتَجُّ بِهَا عَلَى الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ. وَمَنْ تَرَبَّى عَلَى مَذْهَبٍ قَدْ تَعَوَّدَهُ وَاعْتَقَدَ مَا فِيهِ وَهُوَ لَا يُحْسِنُ الْأَدِلَّةَ الشَّرْعِيَّةَ وَتَنَازُعُ الْعُلَمَاءِ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ مَا جَاءَ عَنْ الرَّسُولِ وَتَلَقَّتْهُ الْأُمَّةُ بِالْقَبُولِ بِحَيْثُ يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِ وَبَيْنَ مَا قَالَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَيَتَعَسَّرُ أَوْ يَتَعَذَّرُ إقَامَةُ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ وَمَنْ كَانَ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ هَذَا وَهَذَا لَمْ يُحْسِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي الْعِلْمِ بِكَلَامِ الْعُلَمَاءِ