للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَانَتْ قَادِرَةً عَلَى الطَّوَافِ مَعَ الطُّهْرِ فَمَا أَعْلَمُ مُنَازِعًا أَنَّ ذَلِكَ يَحْرُمُ عَلَيْهَا وَتَأْثَمُ بِهِ وَتَنَازَعُوا فِي إجْزَائِهِ: فَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ يُجْزِئُهَا ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلٌ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد فَإِنَّ أَحْمَد نَصَّ فِي رِوَايَةٍ عَلَى أَنَّ الْجُنُبَ إذَا طَافَ نَاسِيًا أَجْزَأَهُ ذَلِكَ فَمِنْ أَصْحَابِهِ مَنْ قَصَرَ ذَلِكَ عَلَى حَالِ النِّسْيَانِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الطَّهَارَةَ لَيْسَتْ فَرْضًا إذْ لَوْ كَانَتْ فَرْضًا لَمَا سَقَطَتْ بِالنِّسْيَانِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ بَابِ الْمَأْمُورِ بِهِ لَا مِنْ بَابِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ كَطَهَارَةِ الْحَدَثِ فِي الصَّلَاةِ؛ بِخِلَافِ اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّ ظَاهِرَ مَذْهَبِ أَحْمَد أَنَّهُ إذَا صَلَّى نَاسِيًا لَهَا أَوْ جَاهِلًا بِهَا لَا يُعِيدُ. لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فَإِذَا فَعَلَهُ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا بِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إثْمٌ فَيَكُونُ وَجُودُهُ كَعَدَمِهِ. ثُمَّ إنَّ مِنْ أَصْحَابِهِ مَنْ قَالَ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الطَّهَارَةَ فِي الطَّوَافِ لَيْسَتْ عِنْدَهُ رُكْنًا عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ بَلْ وَاجِبَةٌ تُجْبَرُ بِدَمِ وَحَكَى هَؤُلَاءِ فِي صِحَّةِ طَوَافِ الْحَائِضِ رِوَايَتَيْنِ. إحْدَاهُمَا: لَا يَصِحُّ وَالثَّانِيَةُ: يَصِحُّ وَتَجْبُرُهُ بِدَمِ. وَمِمَّنْ ذَكَرَ هَذَا أَبُو الْبَرَكَاتِ وَغَيْرُهُ كَذَلِكَ صَرَّحَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِأَنَّ هَذَا النِّزَاعَ فِي الطَّهَارَةِ مِنْ الْحَيْضِ وَالْجَنَابَةِ كَمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ. فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ تَسْقُطُ بِالْعَجْزِ كَسَائِرِ الْوَاجِبَاتِ.