تَكُونَ وَاجِبَةً وَبَيْنَ أَنْ تَكُونَ سُنَّةً وَهُمَا قَوْلَانِ لِلسَّلَفِ وَهُمَا قَوْلَانِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ. وَفِي مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لَكِنْ مَنْ يَقُولُ هِيَ سُنَّةٌ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ يَقُولُ: مَعَ ذَلِكَ عَلَيْهَا دَمٌ. وَأَمَّا أَحْمَد فَإِنَّهُ يَقُولُ: لَا شَيْءَ عَلَيْهَا لَا دَمَ وَلَا غَيْرَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِيمَنْ طَافَ جُنُبًا وَهُوَ نَاسٍ فَإِذَا طَافَتْ حَائِضًا مَعَ التَّعَمُّدِ تَوَجَّهَ الْقَوْلُ بِوُجُوبِ الدَّمِ عَلَيْهَا. وَأَمَّا مَعَ الْعَجْزِ فَهُنَا غَايَةُ مَا يُقَالُ: إنَّ عَلَيْهَا دَمًا وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الدَّمُ؛ لِأَنَّ هَذَا وَاجِبٌ تُؤْمَرُ بِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ لَا مَعَ الْعَجْزِ فَإِنَّ لُزُومَ الدَّمِ إنَّمَا يَجِبُ بِتَرْكِ مَأْمُورٍ وَهِيَ لَمْ تَتْرُكْ مَأْمُورًا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَلَمْ تَفْعَلْ مَحْظُورًا مِنْ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ وَهَذَا لَيْسَ مِنْ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ؛ فَإِنَّ الطَّوَافَ يَفْعَلُهُ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ فَصَارَ الْحَظْرُ هُنَا مِنْ جِنْسِ حَظْرِ اللُّبْثِ فِي الْمَسْجِدِ وَاعْتِكَافِ الْحَائِضِ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ مَسِّ الْمُصْحَفِ أَوْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَهَذَا يَجُوزُ لِلْحَاجَةِ بِلَا دَمٍ، وَطَوَافُ الْإِفَاضَةِ إنَّمَا يَجُوزُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ وَهِيَ حِينَئِذٍ يُبَاحُ لَهَا الْمَحْظُورَاتُ إلَّا الْجِمَاعَ. فَإِنْ قِيلَ: لَوْ كَانَ طَوَافُهَا مَعَ الْحَيْضِ مُمْكِنًا أُمِرَتْ بِطَوَافِ الْقُدُومِ وَطَوَافِ الْوَدَاعِ. وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْقَطَ طَوَافَ الْوَدَاعِ عَنْ الْحَائِضِ وَأَمَرَ عَائِشَةَ لَمَّا قَدِمَتْ وَهِيَ مُتَمَتِّعَةٌ فَحَاضَتْ أَنْ تَدَعَ أَفْعَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute