{ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} . فَيَطُوفُ الْحُجَّاجُ وَهُمْ حَلَالٌ قَدْ قَضَوْا حَجَّهُمْ وَلَمْ يَبْقَ عَلَيْهِمْ مُحَرَّمٌ إلَّا النِّسَاءُ وَلِهَذَا لَوْ جَامَعَ أَحَدُهُمْ فِي هَذِهِ الْحَالِ لَمْ يَفْسُدْ نُسُكُهُ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ وَإِذَا كَانَتْ عِبَادَةً مِنْ الْعِبَادَاتِ فَهِيَ عِبَادَةٌ مُخْتَصَّةٌ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَا أَنَّ الِاعْتِكَافَ يَخْتَصُّ بِجَمِيعِ الْمَسَاجِدِ وَاَللَّهُ تَعَالَى قَدْ أَمَرَ بِتَطْهِيرِ بَيْتِهِ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ وَلَيْسَ هُوَ نَوْعًا مِنْ الصَّلَاةِ فَإِذَا تَرَكَ مِنْ وَاجِبِهِ شَيْئًا فَقَدْ يُقَالُ تَرَكَ شَيْئًا وَمَنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْ نُسُكِهِ فَعَلَيْهِ دَمٌ. وَإِذَا تَرَكَ الْوَاجِبَ الَّذِي هُوَ صِفَةٌ فِي الطَّوَافِ لِلْعَجْزِ فَهَذَا مَحَلُّ اجْتِهَادٍ: هَلْ يَلْحَقُ بِمَنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْ نُسُكِهِ؟ أَوْ يُقَالُ: هَذَا فِيمَنْ تَرَكَ نُسُكًا مُسْتَقِلًّا أَوْ تَرَكَهُ مَعَ الْقُدْرَةِ بِلَا عُذْرٍ أَوْ تَرْكِ مَا يَخْتَصُّ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ. وَأَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّ هَذِهِ الْعَاجِزَةَ عَنْ الطَّوَافِ مَعَ الْحَيْضِ تَرْجِعُ مُحْرِمَةً أَوْ تَكُونُ كَالْمُحْصَرِ أَوْ يَسْقُطُ عَنْهَا الْحَجُّ أَوْ يَسْقُطُ عَنْهَا طَوَافُ الْفَرْضِ فَهَذِهِ أَقْوَالٌ كُلُّهَا مُخَالَفَةٌ لِأُصُولِ الشَّرْعِ مَعَ أَنِّي لَمْ أَعْلَمْ إمَامًا مِنْ الْأَئِمَّةِ صَرَّحَ بِشَيْءِ مِنْهَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ. وَإِنَّمَا كَلَامُ مَنْ قَالَ عَلَيْهَا دَمٌ أَوْ تَرْجِعُ مُحْرِمَةً وَنَحْوَ ذَلِكَ - مِنْ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ - كَلَامٌ مُطْلَقٌ يَتَنَاوَلُ مَنْ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي عَهْدِهِمْ وَكَانَ زَمَنَهُمْ يُمْكِنُهَا أَنْ تَحْتَبِسَ حَتَّى تَطْهُرَ وَتَطُوفَ كَانُوا يَأْمُرُونَ الْأُمَرَاءَ أَنْ يَحْتَبِسُوا حَتَّى تَطْهُرَ الْحُيَّضُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute